كتاب‬ ‫الشفا بتعريف حقوق المصطفى‬ ‫
عياض بن موسى بن عياض اليحصبي


يتناول الكتاب سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث شملت تلك السيرة كل ما يتعلق به من صفات خَلْقية وخُلقية، وأفعال وأقوال إلى جانب ما جاء ذكره في القرآن الكريم من خلال مخاطبته عز وجل نبيه الكريم والذي يلقي الضوء أكثر وأكثر على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم فما يتيح للمسلم والقارئ فهم شخصية الرسول القائد والسراج المنير فيعرف دستوره من خلال دراسته للسيرة العطرة. إلى جانب هذا الهدف فإن السيرة تضع أمام المسلم الأحداث الإسلامية الكبرى التي من خلالها يمكن تفهم العقيدة والأخلاق السوية المقربة إلى الله عز وجل وقد قام المحقق بترجمة بعض الأعلام وخرّج الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، بالإضافة إلى فهرست الآيات والأحاديث
‫مقام عياض مثل مقام البخاري والئمة الربعة؛ فهم حلة الشريعة وعلومها الت يبّونا ف صدور‬ ‫ث‬ ‫الرجال بالتلقي والتأليف، ذّوا عن الشريعة بسيوف علومهم؛ فبقيت علومهم خالدة تالدة إل البد،‬ ‫َب‬ ‫وكم من ول ل كان معهم وبعدهم بكثي، كان لم تلميذ وأوراد، وانقطعت تلك الوراد وباد‬ ‫الريدون برور الزمان، وأئمة العلم ما زالوا بعلومهم كأنم أحياء.." هذا الكلم النفيس من بيان أب‬ ‫عبد ال ممد المي ف كتابه "الجد الطارف والتالد"، يصف مكانة القاضي عياض العلمية، وقدره‬ ‫الرفيع بي علماء السلم، وليس ف كلم الشيخ مبالغة أو تزويد؛ فقد حقق القاضي عياض شهرة‬ ‫واسعة حت قيل: لول عياض لا عُرف الغرب، وكأنم يعنون –ف جلة ما يعنون- أنه أول من لفت‬ ‫نظر علماء الشرق إل علماء الغرب حت أواسط القرن السادس الجري.‬ ‫الولد والنشأة‬ ‫يعود نسب القاضي "عياض بن موسى اليحصب" إل إحدى قبائل اليمن العربية القحطانية، وكان‬ ‫أسلفه قد نزلوا مدينة "بسطة" الندلسية من نواحي "غرناطة" واستقروا با، ث انتقلوا إل مدينة "فاس"‬ ‫الغربية، ث غادرها جده "عمرون" إل مدينة "سبتة" حوال سنة (373 هـ = 398م)، واشتهرت‬ ‫أسرته بـ"سبتة"؛ لا ُرف عنها من تقوى وصلح، وشهدت هذه الدينة مولد عياض ف (51 من‬ ‫ع‬ ‫شعبان 674هـ = 82 من ديسمب 3801م)، ونشأ با وتعلم، وتتلمذ على شيوخها.‬ ‫الرحلة ف طلب العلم‬

‫رحل عياض إل الندلس سنة (705هـ = 3111م) طلبًا لسماع الديث وتقيق الروايات،‬ ‫وطاف بواضر الندلس الت كانت تفخر بشيوخها وأعلمها ف الفقه والديث؛ فنل قرطبة أول ما‬ ‫نزل، وأخذ عن شيوخها العروفي كـ"ابن عتاب"، و"ابن الاج"، و"ابن رشد"، و"أب السي بن‬ ‫سراج" وغيهم، ث رحل إل "مرسية" سنة (805هـ = 4111م)، والتقى بأب علي السي بن ممد‬ ‫الصدف، وكان حاف ًا متقنًا حجة ف عصره، فلزمه، وسع عليه الصحيحي البخاري ومسلم، وأجازه‬ ‫ظ‬ ‫بميع مروياته.‬ ‫اكتفى عياض با حصله ف رحلته إل الندلس، ول يلبث أن رحل إل الشرق مثلما يفعل غيه من‬ ‫طلب العلم، وف هذا إشارة إل ازدهار الركة العلمية ف الندلس وظهور عدد كبي من علمائها ف‬ ‫ميادين الثقافة العربية والسلمية، يناظرون ف سعة علمهم ونبوغهم علماء الشرق العروفي.‬ ‫عاد عياض إل "سبتة" غزير العلم، جامعًا معارف واسعة؛ فاتهت إليه النظار، والت ّ حوله‬ ‫ف‬ ‫طلب العلم وطلب الفتوى، وكانت عودته ف (7 من جادى الخرة 805هـ = 9 من أكتوبر‬ ‫4111م)، وجلس للتدريس وهو ف الثانية والثلثي من عمره، ث تقلد منصب القضاء ف "سبتة" سنة‬ ‫(515 هـ = 1211م) وظل ف منصبه ستة عشر عامًا، كان موضع تقدير الناس وإجللم له، ث‬ ‫تول قضاء "غرناطة" سنة (135هـ = 6311م) وأقام با مدة، ث عاد إل "سبتة" مرة أخرى ليتول‬ ‫قضاءها سنة (935هـ = 4411م).‬ ‫القاضي عياض مدثًا‬ ‫كانت حياة القاضي عياض موزعة بي القضاء والقراء والتأليف، غي أن الذي أذاع شهرته، وخّد‬ ‫ل‬ ‫ذكره هو مصنفاته الت بوَأتْه مكانة رفيعة بي كبار الئمة ف تاريخ السلم، وحسبك مؤلفاته الت‬ ‫ّ‬ ‫تشهد على سعة العلم وإتقان الفظ، وجودة الفكر، والتبحر ف فنون متلفة من العلم.‬ ‫وكان القاضي عياض ف علم الديث الفذّ ف الفظ والرواية والدراية، العارف بطرقه، الافظ‬ ‫لرجاله، البصي بالم؛ ولكي ينال هذه الكانة الرموقة كان سعيه الثيث ف ساع الديث من رجاله‬ ‫العروفي والرحلة ف طلبه، حت تقق له من علو السناد والضبط والتقان ما ل يتحقق إل للجهابذة‬ ‫من الح ّثي، وكان منهج عياض ف الرواية يقوم على التحقيق والتدقيق وتوثيق الت، وهو يعد النقل‬ ‫د‬ ‫والرواية الصل ف إثبات صحة الديث، وتشدد ف قضية النقد لت الديث ولفظه، وتأويل لفظه أو‬ ‫روايته بالعن، وما يره ذلك من أبواب اللف.‬

‫وطالب الحدث أن ينقل الديث مثلما سعه ورواه، وأنه إذا انتقد ما سعه فإنه يب عليه إيراد ما‬ ‫سعه مع التنبيه على ما فيه؛ أي أنه يروي الديث كما سعه مع بيان ما َيعِ ّ له من تصويب فيه، دون‬ ‫ن‬ ‫قطع برأي يؤدي إل الرأة على الديث، ويفتح بابًا للتهجم قد يمل صاحبه على التعبي والتصرف ف‬ ‫الديث بالرأي.‬ ‫وأّف القاضي ف شرح الديث ثلثة كتب هي: "مشارق النوار على صحاح الثار" وهو من‬ ‫ل‬ ‫أدَل الكتب على سعة ثقافة عياض ف علم الديث وقدرته على الضبط والفهم، والتنبيه على مواطن‬ ‫ّ‬ ‫الطأ والوهم والزلل والتصحيف، وقد ضبط عياض ف هذا الكتاب ما التبس أو أشكل من ألفاظ‬ ‫الديث الذي ورد ف الصحيحي وموطأ مالك، وشرح ما غمض ف الكتب الثلثة من ألفاظ، وح ّر‬ ‫ر‬ ‫ما وقع فيه الختلف، أو تصرف فيه الرواة بالطأ والتوهم ف السند والت، ث رّب هذه الكلمات‬ ‫ت‬ ‫الت عرض لا على ترتيب حروف العجم.‬ ‫أما الكتابان الخران فهما "إكمال العلم" شرح فيه صحيح مسلم، و"بغية الرائد لا ف حديث أم‬ ‫زرع من الفوائد".‬ ‫وله ف علم الديث كتاب عظيم هو " اللاع ف ضبط الرواية وتقييد السماع"‬ ‫... فقيهًا‬ ‫درس القاضي عياض على شيوخه بـ"سبتة" الدونة لبن سحنون، وهو مؤّف يدور عليه الفقه‬ ‫ل‬ ‫الالكي، وُيعَ ّ مرجعَه الول بل منازع، وقد ُتبت عليه الشروح والختصرات والواشي، غي أن‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫الدونة ل تكن حسنة التبويب؛ حيث تتداخل فيها السائل الختلفة ف الباب الواحد، وتعان من عدم‬ ‫إحكام وضع الثار مع السائل الفقهية.‬ ‫وقد لحظ القاضي عياض هذا عند دراسته "الدونة" على أكثر من شيخ؛ فنهض إل عمل عظيم،‬ ‫فح ّر رواياتا، وسى رواتا، وشرح غامضها، وضبط ألفاظها، وذلك ف كتابه "التنبيهات الستنبَطة‬ ‫ر‬ ‫على الكتب الدونة والختلطة" ول ش ّ أن قيام القاضي عياض بثل هذا العمل ُعد خطوة مهمة ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫سبيل ضبط الذهب الالكي وازدهاره.‬ ‫القاضي عياض مؤرخًا‬ ‫ودخل القاضي ميدان التاريخ من باب الفقه والديث، فأّف كتابه العروف " تدريب الدارك"،‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫وهو ُيعَ ّ أكب موسوعة تتناول ترجة رجال الذهب الالكي ورواة "الوطأ" وعلمائه، وقد استه ّ‬ ‫د‬

‫الكتاب ببيان فضل علم أهل الدينة، ودافع عن نظرية الالكية ف الخذ بعمل أهل الدينة، باعتباره‬ ‫عندهم من أصول التشريع، وحاول ترجيح مذهبه على سائر الذاهب، ث شرع ف الترجة للمام مالك‬ ‫وأصحابه وتلميذه، وهو يعتمد ف كتابه على نظام الطبقات دون اعتبار للترتيب اللفبائي؛ حيث أورد‬ ‫بعد ترجة المام مالك ترجة أصحابه، ث أتباعهم طبقة طبقة حت وصل إل شيوخه الذين عاصرهم‬ ‫وتلقى على أيديهم.‬ ‫والتزم ف طبقاته التوزيع الغراف لن يترجم لم، وخصص لكل بلد عنوانًا يدرج تته علماءه من‬ ‫الالكية؛ فخصص للمدينة ومصر والشام والعراق عناوين خاصة با، وإن كان ملتزما بنظام الطبقات.‬ ‫وأفرد لعلمائه وشيوخه الذين التقى بم ف رحلته كتابه العروف باسم "ال ُنية"، ترجم لم فيه،‬ ‫غ‬ ‫وتناول حياتم ومؤلفاتم وما لم من مكانة ومنله وتأثي، كما أفرد مكانا لشيخه القاضي أب على‬ ‫السي الصدف ف كتابه "العجم" تعرض فيه لشيخه وأخباره وشيوخه، وكان "الصدف" عالًا عظيما‬ ‫اتسعت مروياته، وصار حلقة وصل بي سلسل السناد لعلماء الشرق والغرب؛ لكثرة ما قابل من‬ ‫العلماء، وروى عنهم، واستُجيز منهم.‬ ‫... أديبًا‬ ‫وكان القاضي أديبًا كبيًا إل جانب كونه مدثًا فقيهًا، له بيان قوي وأسلوب بليغ، يشف عن‬ ‫ثقافة لغوية متمكنة وبصر بالعربية وفنونا، ول يكن ذلك غريبًا عليه؛ فقد كان حريصًا على دراسة‬ ‫كتب اللغة والدب حرصه على تلقي الديث والفقه، فقرأ أمهات كتب الدب، ورواها بالسناد عن‬ ‫شيوخه مثلما فعل مع كتب الديث والثار، فدرس "الكامل" للمبد و"أدب الكاتب" لبن قتيبة،‬ ‫و"إصلح النطق" لبن السكيت، و"ديوان الماسة"، و"المال" لب علي القال.‬ ‫وكان لذه الدراسة أثرها فيما كتب وأنشأ، وطبعت أسلوبه بمال اللفظ، وإحكام العبارة، وقوة‬ ‫السبك، ودقة التعبي.‬ ‫وللقاضي شعر د ّنته الكتب الت ترجت له، ويدور حول النسيب والتشوق إل زيارة النب (صلى‬ ‫و‬ ‫ال عليه وسلم)، والعروف أن حياته العلمية وانشغاله بالقضاء صرفه عن أداء فريضة الج، ومن شعره‬ ‫الذي يعب عن شوقه ولوعته الوجدانية ولفته إل زيارة النب (صلى ال عليه وسلم):‬ ‫بشراك بشراك فقد لحت قبابم‬ ‫فانزل فقد نلت ما توى وتتار‬



Read Now Mqd - Kitab



Download: PDF (Mqd-Kitab)|--> / (DOC) (DOC)

0 comments

Post a Comment