روضة التعريف بالحب الشريف
لسان الدين ابن الخطيب السلماني
ألف ذو الوزارتين لسان الدين ابن الخطيب السلماني كتابه هذا معارضاً به ديوان الصبابة لابن أبي حجلة التلمساني، وهو يقول في هذا: إن السلطان هو الذي أمره بمعارضة الكتاب، ولا غربة في اختلاف كلامه الموجه لابن خلدون وكلامه المذكور في المقدمة، فقد يكون السلطان أمره بالمعارضة بناء على رغبة الأصحاب. ومنهج الكتاب غريب في بابه، فهو منهج لم يتفق لمؤلف قبله، ويعتبر بحق خطوة في سبيل التجديد الصوفي لم يسبق إليها، فهو يقول في المقدمة "وقد ذهبت في ترتيبه أغرب المذاهب، وجعلته شجرة وأرضاً، فالشجرة المحبة مناسبة وتشبيها، وإشارة لما ورد في الكتب المنزلة وتنبيها، والأرض النفوس التي تغرس فيها، والأغصان أقسامه التي تستوفيها، والأوراق حكاياتها التي نحكيها...".
ويقول كذلك: "إنه لم يترك فناً إلا جمع بينه وبين مناسبه، ولا نوعاً إلا ضمه ما يليق به، فاستكثر من الشعر لأنه من الشجرة، بمنزلة النسيم الذي يحرك عذبات أفنانها، وهو المزمار الذي ينفخ الشوق في يراعته واجتلب الكثير من الحكايات لأنها وسائد مجلس الرقائق، ومراوح النفوس من كد الأفكار، ونقل شواهد من الحديث والخبر تجري صحائحها مجرى الزكاة من الأموال..."
فالكتاب على هذا كما يقول مؤلفه "مسرح للفارة وغيره، يجد فيه كل ميداناً لسيرة، وملقطاً لطيره، ومحكا لغيره، فمن فاق كلف بأصوله، ومن قصر قنع بفصوله، ولم يهمل المؤلف مسائل الحب غير الإلهي لا من جهة الأسباب ولا من جهة الغايات وهو إن لم يبوب عليه أصلاً، فإنه أدرجه ولم يهمله، بل استحث في كثير من المواضع طوائف المحبين لغير الله أن ينطلقوا من حبهم المفيد إلى جنات الحب المطلق...
ويرى المؤلف أن الحب الإلهي هو أصل طريق التصوف وأساس الوعي الروحي وأن الأرض التي يغرس فيها الحب الإلهي هي النفس لا بد من تنظيفها من الشكوك، ثم إروائها من جداول العقل والنقل، بعد تمييز ما يصلح منها لاغتراس الحب الإلهي وما لا يصلح، ثم يتحدث عن أبواب المحبة، بعد ذلك يتحدث عن العارف أوصافه وعلومه ثم عن البدايات، والأبواب والمعاملات، والأخلاق، والأصول، والأودية، والأحوال، والولايات، والحقائق والنهايات.
ثم يتحدث عن أنواع المحبوبات ثم المحبين من الفلاسفة الأقدمين والإشراقيين والإسلاميين والمكلمين، وأهل الوحدة المطلقة، والصوفية سادة المسلمين، ثم يتحدث عن علامات المحبة، وما يرجع من ذلك إلى حقوق المحبوب، أو إلى ظاهر المحب، أو باطنه، ثم عن أخبار المحبين، ثم عن جوائح الشجرة، ثم عن تغريد الطائر الصادح في أعلى الشجرة، أي شجرة الحب الشريف. وأنت ترى مدى غرابة بتويب الكتاب وتأثره بالذوق الأندلسيين الرفيع حتى جاء على فمه في العلم آية من آيات الإبداع والسهولة ويسر الفهم، اختلط فيه الذوق الأدبي بالحقائق العلمية فساغ النظر فيه، وخف على العقل، واستراحت له النفوس، واجتلب إليه الكثيرين من القراء، وتلطف في جذب البعيدين إلى حضرة القرب
Read Now
DOWNLOAD : PDF / PDF
تحميل الكتاب من هنا
iTheme Techno Blogger by Black Quanta. Theme & Icons by N.Design Studio
Free Blogger Templates created by The Blog Templates
Free Blogger Templates created by The Blog Templates