الحلاج الأعمال الكاملة
قاسم محمد عباس


إن فداحة الالتباس الذي ترتب على القراءات الرئيسة لتصوف الحلاج، واستغلال روحانيته لصالح تجربة شخصية عبر إعادة عيش التجربة، وإقصاء نبل الفكر الصارم، كل ذلك شجع الباحث على القيام بمراجعة بعض الآراء قبل استعراضه لنصوص الحلاج في هذا الكتاب وغايته من هذه المراجعة تثقيف بعض المفاهيم الدقيقة التي تعتمد تجربة الحلاج وفكره وأبعاد عقيدته، ومن الاهتمام بعرض فكر الحلاج كما هو باعتباره حلقة لا تنفصل، بأي حال من الأحوال، عن حلقات الروحانية الإسلامية لغرض إلحاقها بروحانيات سابقة عليها، والإشكالية بصورة عامة تندرج في تلمس نظرة جديدة إلى الفكر الصوفي تأخذ بنظر الاعتبار محور (تصوف الحلاج/الاستشراق)، بسبب العلائق العضوية التي تربط هذا المحور بنتائج مهمة تشمل العقائدي والمعرفي والوجودي، فمنطلق الباحث إذن مرتبط بنقد جهود الاستشراق الذي توجه مباشرة إلى النص الصوفي، وتحديداً جهود ماسينيون، ومن دار في فلك أطروحته، حيث أثّرت وإلى حد بعيد في تفاصيل تلقي الإسلام وروحانيته في الفكر الغربي، مستثنياً جهود الباحثين العرب بسبب أنها استجابت للموقف الاستشراقي وتأثرت به، فتوزعت طبقاً لمواقف الاستشراق ذاته، من هنا وجد الباحث ضرورة الابتعاد عن تكرار آراء طائفة كبيرة منهم، إذ أن النقد المباشر للمحاولات المهمة والرئيسية يغني عن الرجوع إلى مواقف عديدة أعادت وكرّرت مفاصل تلك المحاولات الأولى، وهذا النقد قد يوفر للباحث وللقارئ مجالاً يسمح بالتعدد والاتساع، وربما يصوّب جملة من التصورات الشائعة والمستقرة، تعدد الإحالة إلى مصادر دخيلة على هذا التصوف، واختلاف هذه المصادر أيضاً، ومعضلة نشأة الفكر الصوفي بوصفه ممثلاً لقطاع واسع ومؤثر من الفكر الإسلامي، وكذلك تقسيم هذه النشأة إلى مراحل متعددة، ومثل هذه التصورات لا تخلو من تعارضات منطقية من الوجهة الدوغمائية التي ينحدر عنها تصوف الحلاج، ومن جملة الأسئلة التي تواجه هذا التعارض المنطقي، لماذا تمّ تكريس مقولة: إن المعرفي الديني لا يخضع لمفهوم التطور للوصول إلى عزل المعرفي الديني عن غيره، والأمر في حقيقته إلقاء تطور المعرفي الإنساني برمته، لذا يأمل الباحث عبر مجموعة من الاعتراضات الجوهرية على هذا التوجه صياغة شروط ومحددات للتعامل مع الحقيقة الصوفية من خلال كشف العلاقة بين محورين متداخلين: الأول منها إصرار الأطروحة الاستشراقية على الأصل الدخيل لتصوف الحلاج، وثانيها: جعل الأصل الإسلامي نسبي النزعة باعتباره الموقف الرسمي. بالإضافة إلى هذه المعالجة، جمع المؤلف وبعد تتبعه لآثار الحلاج كما خلفها، كل ما وصل من نتاج الحلاج، بعد إبعاد كل النصوص التي أثبت التحقيق أنها لغيره، وحتى التي يشترك الحلاج في نسبتها مع غيره، رغبة في توفير ما هو ثابت بالنسبة إلى الحلاج من النصوص.
وبهذا سيغني هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ عن الرجوع إلى عدد لا يحصى من المصادر والمراجع لم يزل بعضها مخطوطاً، بهدف الاطلاع على تراث الحلاج، وقد قام بترتيب الكتاب كما يلي: 1-التفسير، 2-الطواسين، 3-بستان المعرفة، 4-الأقوال: نصوص الولاية، 5-المرويات، 6-الديوان. وقد زوّد الباحث الكتاب بمجموعة من الصور التي عثر عليها كل من لويس ماسينيون والدكتور الشببي. وهما من المختصين الكبار في الدراسات الصوفية.
الناشر:
إن أية محاولة لتوثيق حياة الحلاج تعني القيام بتوثيق فكري لتاريخ الولاية الصوفية، وتلمّس الجذر الأول للفكر الصوفي الإسلامي، بسبب أن المراجعة التاريخية لحياة الحلاج إنما تعني استحضار ما هو عقائدي وتاريخي وسياسي متعلق بمحاكمة الولاية الصوفية، أو مقاضاة الشخصية المتألهة في الإسلام بفهم أنها تدل على الشاهد الفاعل على الحقيقة في الإلهيات الإسلامية، التي ظهرت في شخصية صوفية توفر لها أن تزج الفكر الإسلامي في معركة فكرية/روحية أدت نتائجها إلى زعزعة العالم الإسلامي.
لقد جرى تشويه صورة الحلاج لكنه بقي في ضمائر متعددة وفي فترات متفاوتة، كانت تعيد طرح قضيته من جديد أمام مراكز العدل الإسلامي.
في هذا الكتاب يأخذنا المؤلف إلى رحلة في ملفات الحلاج عبر تبويب وتحقيق وتأصيل محاولاً المضي في سيرته الصاخبة والمتفردة والغامضة على الدوام ليصل إلى عمل مفرد بصيغة الجمع لمؤلفات هذا الصوفي الإشكالي، المتعدد في الواحد، والكثير في القليل، والذي مخر عباب الموت كي يتحد بالألوهة






Read Now Read Now


DOWNLOAD : PDF / PDF

تحميل الكتاب من هنا

0 comments

Post a Comment