أخبار أهل الرسوخ في الفقه والتحديث
بمقدار المنسوخ من الحديث
ابن القيم الجوزي


النسخ، يطلق لغة على الإزالة وعلى التحويل. أما نسخ الأحكام الشرعية، وهو المقصود هنا، فهو عبارة عن رفع الشارع حكماً في أحكامه سابقاً بحكم من أحكامه لاحقاً. والمراد برفع الحكم، هو قطع تعلقه بالمكلفين، وإلا فالحكم القديم لا يرتفع. والمعرف أن الشافعي هو صاحب علم ناسخ الحديث ومنسوخه. وقد قال فيه أحمد بن حنبل: "ما علمنا المجمل من المفسر، ولا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه حتى جالسنا الشافعي". كما أنه أشار في اختلاف الحديث إلى أمثلة عدّها البعض من الناسخ والمنسوخ.
وعلى مثل هذا تابع ابن قتيبة الدينوري في كتابه "تأويل مختلف الحديث" ذاكراً أمثلة يختلط فيها النسخ والاختلاف في الحديث. هذا وقد عدّ علماء الحديث النسخ والاختلاف موضوعين مستقلين من علم الحديث. وإذا كان علماء الحديث قد فرقوا بين الناسخ والاختلاف، إلا أن الممارسة العملية عملت على الربط بين هذين الفنين، فقد كان أبو بكر بن خزيمة يقول: لا أعرف حديثين صحيحين متضادين، فمن كان عنده فليأتني به لأولف بينهما.
ويرى الحافظ العراقي أن جملة القول في ذلك: أنه إذا وجدنا حديثين مختلفين في الظاهر، فلا يخلوا إما يكون الجمع بينهما بوجه ينفي الاختلاف بينهما، أولاً: فإن أمكن ذلك بوجه صحيح تعين الجمع، ولا يصار إلى التعارض أو النسخ مع إمكان الجمع، وعلى هذا سار ابن الجوزي في كتابه هذا الذي نقلب صفحاته، وفيه يلفت حيناً إلى النسخ الواضح، ويلجأ حيناً آخر إلى الجمع بين الحديثين، ولما كان لهذا الكتاب من أهمية بين كتب التراث فقد جاء مذيلاً بتحقيق لطيف يكون كدليل لفهم معانيه وبلوغ مراميه



Read NowRead Now





DOWNLOAD : PDF

0 comments

Post a Comment