حقيقة الجفر عند الشيعة
أكرم بركات العاملي


تحدثت بعض الروايات عن وجود كتاب خاص عند الأئمة يسمى كتاب الجفر، وهو الكتاب المشهور ذكره على ألسنة الناس وفي كتب الباحثين. وقد باتت كلمة الجفر تستبطن في طياتها معنى الغيب، ويغلفها ستار من الغموض، ومع غيبية الباطن، وغموض الظاهر، يعيش الجفر في أذهان بعض الناس فيحدثونك عن المستقبل وعن أحداث تقع هنا وهناك، مما ينبئ عن أن عصر الخضوع لمنطق المادة لم يؤثر بل زاد في ارتباط هؤلاء الناس بالغيب؛ فلم تحتل المادة كل الأفق الذي يشغله نظرهم، بل هم يردن بارقة نور تبشر بعصر تخضع فيه المادة لمنطق الحق والعدالة. لكن العجيب في الأمر هو أنهم يتحدثون عن تفصيلات تقع في المستقبل وكأن المستقبل أمام أعينهم وإن سألتهم أنى لكم هذا؟ لأجابوا: أنه مكتوب في الجفر، وإن سألتهم عن ذاك الجفر لأرشدك بعضهم إلى كتاب اسمه (الجفر) وتقد كتب على غلافه (كتاب الجفر للإمام علي بن أبي طالب) والذي لا يدّعي عن كاتبه محمد بن طلحة أن الكتاب هذا الجفر المأثور عن أمير المؤمنين رضي الله عنه، بل يدّعي في كيفية حصوله على ما في هذا أمراً غريباً. وهو كشف حصل لأحد أصدقائه وأخلائه أثناء اشتغاله بالصلاة. وأما البعض الآخر فيرشدك كتاب اسمه (الجفر) أيضاً وقد كتب على غلافه أنه منسوب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه والذي يقول صاحب المقدمة بأنه أصل هذا العلم (أي علم الجفر) فنقول عنه، وهو: "رشحة غيب، على حد تعبير،" استنطقت بها لسان المعارف وأيقظت بها عيون ترجمان العوارف بحسب ما أملى عليّ وارد الوقت بحكمة الحزم وقضائه الحتم" كما يدّعي أيضاً بأن هذا العلم منقول عن الإمام علي بن أبي طالب باب مدينة العلوم. والبعض يرشدك إلى كتاب حمل أيضاً عنوان الجفر دون نسبته إلى الإمام علي بل صرّح مؤلفه المعروف بالخلال بأنه قد ألفه من ثلاث كتب الأول من تأليف الكندي والثاني البسطامي والثالث محيي الدين بن عربي وبعضهم عندما تسأله عن الجفر يجيب: لا أدري؛ عليك بالعلماء فينما أولئك يدّعون وجود الجفر بينهم، وأولئك المؤرخون ينقلون أن بعض الناس حصلوا على هذا الكتاب، نجد في الضفة المقابلة أناساً يختلفون تماماً؛ فهم يقولون إن كتاب الجفر سرّي للغاية وهو من خفايا أئمة الشيعة، لم يطلع عليه أحد غيرهم.
من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يكشف مؤلفه من خلاله عن حقيقة الجفر مقدماً إجابات عن أسئلة ترد على الأذهان وهي: ما المراد من الجفر في الروايات التي اختلفت فيما بينها في تحديد معناه المراد؟ وهل هو جفر واحد أو أجفار متعددة؟ وعلى أساس هذه الإجابة تنطلق عدة تساؤلات يقدم المؤلف إجابات عنها، والتساؤلات تبدأ من التساؤل عن محتوى ومضمون الجفر، أو عن محتويات الجفار ومضامينها، وعن علاقة الجفر بجعله من الكتب التي تحدثت عن روايات جمّة كمصحف فاطمة وكتاب علي رضي الله عنه والجامعة وصحيفة الفرائض، وتستمر الأسئلة عن مُمْلي هذا المحتوى وكاتبه، لتنتهي بتساؤلات أخرى حاول المؤلف الإجابة عنها في هذا البحث، معتمداً في ذلك على الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، ناظراً إلى ما كتب في هذا الموضوع بحسب اطلاعه






Read Now Read Now


DOWNLOAD : here / here / here

.

0 comments

Post a Comment