الأصول في النحو
ابي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي
لكتاب الأصول في النحو منزلة خاصة في نفوس النحاة وفي تاريخ النحو العربي، ولآرائه أهمية كبرى كتب لها من الذيوع والانتشار بين الدارسين ما لم يكتب إلا لقلة نادرة من المصنفات النحوية، مثل كتاب سيبويه والمقتضب لأبي العباس المبرد والتصريف لأبي عثمان المازني، فهذا العمل الذي قام به أبو بكر بن السراج في القرن الثالث الهجري، فجمع فيه أبواب النحو الصرف لقي إقبالاً وإعجاباً من معظم دارسي العربية، فقد جمع ابن السراج أصول العربية وأخذ مسائل سيبويه ورتبها أحسن ترتيب في كتاب أصبح المرجع إليه عند اضطراب النقل واختلافه وهو غاية في الشرف والفائدة، فقد اختصر فيه أصول العربية، وجمع مقاييسها، ونظر في دقائق سيبويه، وعول على مسائل الأخفش والكوفيين وخالف أصول البصريين في مسائل كثيرة حتى قيل: ما زال النحو مجنوناً حتى عقله ابن السراج بأصوله.
ولقد نسب كثير من الباحثين إلى ابن السراج أنه أول من وضع كتاباً في أصول العربية، فقد ذكر محققوا كتاب سر صناعة الإعراب لابن جني في مقدمته شيئاً من ذلك، ولقد قال ابن السراج في كتاب الأصول "فتفهم هذه الأصول والفصول فقد أعلنت في هذا الكتاب أسرار النحو وجمعته جمعاً يحصره وفصلته تفصيلاً يظهره، ورتبت أنواعه وصنوفه على مراتبها بأخصر ما يمكن من القول وأبيته ليسبق إلى القلوب فهمه ويسهل على متعلميه حفظه.
والذي يقرأ كتاب الأصول يعرف أن ابن السراج كان منهجياً قوين النظرة في عرض مادة كتابه، فلم يشأ أن يجري دراسته النحوية على النهج الذي ألفناه في كتب من سبقه مجافياً لمذهب التقنين والقواعد فقد أدرك أن مدار علم النحو في كتابه مبني على استخراج الأصول النحوية مع الالتزام بالدقة في كل موضوع، وقد بوب كتابه تبويباً يشبه إلى حد كبير تبويب كتاب سيبويه، لكن موضوعات أصول ابن السراج غير متداخلة كموضوعات الكتاب لا يمكن التمييز بينها، فقد رتب على الشكل الذي ألفناه في الوقت الحاضر، فبدأ بمرفوعات الأسماء، ثم المنصوبات والمجرورات، وانتقل بعد ذلك إلى التوابع كالنعت والتوكيد وعطف النسق وعطف البيان، والعطف بالحروف. ثم أشار إلى نواصب الأفعال وجوازمها، وزاد باب التقديم والتأخير، وباب الإخبار بالذي وبالألف واللام، وانتهى إلى مسائل الصرف.
وكتاب الأصول خال من المقدمة، قليل الاستطراد، موضوعاته المتشابهة محصورة في باب واحد لا في أبواب متفرقة كما هي الحال في كتاب سيبويه يبدأ بتعريف النحو العربي وينتهي بباب ضرورة الشاعر.
تجدر الإشارة هنا إلى عدد النسخ التي كانت بحوزة ابن السراج من كتاب سيبويه، فنراه كلما وجد كلمة أو عبارة فيها أكثر من احتمال أو لها أكثر من وجه من وجوه التفسير رجع إلى نسخة معينة مشيراً إلى صاحب تلك النسخة مبيناً أنها بخطه أو كانت ملكه: كالمبرد، وثعلب، والقاضي، فهو يشبه المحقق في هذا الزمن، إذ إنه يحاول إخراج النص سليماً، لا يشوبه الغموض، ولا يتطرق إليه الشك من قريب أو بعيد.
ولقد نال الأصول إعجاب من جاء بعد ابن السراج من الباحثين، وأثنوا عليه، ووضعوه في مكانه اللائق به
1, 2, 3, 4
DOWNLOAD : PDF / PDF / RTF
iTheme Techno Blogger by Black Quanta. Theme & Icons by N.Design Studio
Free Blogger Templates created by The Blog Templates
Free Blogger Templates created by The Blog Templates