المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
ابن الجوزي
هذا الكتاب الذي بين أيدينا يعد موسوعة تاريخية نادرة لم يسبق لها مثيل، وكيف لا وصاحبه هو واحد من أساطين المؤرخين الذين برعوا في هذا المجال وفي غيره من فروع العلم، ألا وهو مؤرخ القرن السادس الهجري الإمام عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي، وقد ابتدأه مصنفه بمقدمة أوضح فيها أهمية التاريخ ومناهج المؤرخون الذين سبقوه وتنوع مذاهبهم، وقد أراد ابن الجوزي أن يكون التاريخ عبرة وعظة لرجال الحكم والسياسة بقوله: "إن الشرع هو السياسة، لا عمل السلطان برأيه وهواه" حيث أن للتاريخ فائدتين: هما دراسة الحازمين والمفرطين ومعرفة عواقب أحوالهم، والتطلع على عجائب الأمور وتقلبات الزمن.
ثم افتتح ابن الجوزي "المنتظم" بذكر الدليل على وجود الله، منتهجاً منهج الكلاميين في إثبات وجوده عز وجل. ثم تتبع قصة الخلق وما جرى فيها ناقلاً ومحللاً ثم انتقل من حديثه عن الخليقة وخلق الأرض إلى النبوات بدءاً بآدم عليه السلام وانتهاء برفع عيسى عليه السلام. ثم خصص للأمم بعد النبوات جانباً، فهو مرة يفصل، ومرة يوجز، فهو عند تناوله للحوادث المتعلقة بالعرب وبخاصة بين عرب الحيرة والزباء، ولكنه أغفل الحياة الاجتماعية والسياسية في الجزيرة العربية، ولم يذكر من أيام العرب سوى الفجار أثناء حديثه عن السيرة النبوية، ولم يشر إلى شعراء العرب، وأصحاب المعلقات، سوى امرئ القيس الذي ورد ذكره عند حديثه عن كسرى أنوشروان، وقد أوجز في حديثه عن عرب الأنبار وعلاقتهم بطسم وجديس، وذكر زرقاء اليمامة، ولمي غفل علاقة الزباء السياسية وعمرو بن عدي، معتمداً في ذلك على ابن الكلبي.
هذا وقد أطال ابن الجوزي في تاريخ الفرس وملوكهم حيث تناولهم الواحد بعد الآخر، موليا لكسرى أنوشروان أهمية بارزة. أما دولة الروم فلم يعطها أهمية كبيرة، وإنما ذكر بعض حوادث الروم وعلاقاتهم مع الفرس وبناء القسطنطينية. ولم يذكر من ملوك اليونان سوى الاسكندر المقدوني ويطليموس، وجانب من الحياة العلمية عند اليونان. وأغفل ابن الجوزي تاريخ الصين ومصر خلافاً لسلفيه اليعقوبي والمسعودي، وقد تأثر في ذلك بالطبري.
وخصص بعد ذلك الإمام ابن الجوزي جانباً كبيراً من "المنتظم" للسيرة النبوية تناول فيها مرحلة المولد وما كان فيها من أحداث، ثم مرحلة النبوة، وقد انتهج في مرحلة النبوة منهجاً مختلفاً ابتداء من السنة الأولى من النبوة ولمدة ثلاث عشرة سنة. ثم بعد ذلك مرحلة الهجرة والذي بدأ به منهجاً آخر ابتداءً بالسنة الأولى من الهجرة وحتى نهاية الكتاب، فهو يذكر حوادث كل سنة ويختمها بوفيات هذه السنة.
وبعد الانتهاء من عصر الرسالة وتقصي أحداثها بدقة واستفاضة تناول ابن الجوزي العصر الراشدي متناولاً الحوادث السياسية والعسكرية التي حدثت خلال هذه الفترة، فتناول حركات الردة، وحوادث الجزيرة، وحركات التحرير في العراق وبلاد الشام ومصر، وحروب الجمل وصفين والنهروان إلى غير ذلك. وقد تعرض أيضاً للحوادث الإدارية والاجتماعية والاقتصادية.
ثم بعد ذلك تناول العصر الأموي، وقد شغلت الحوادث السياسية في هذا العصر جانباً كبيراً، حيث تناول ثورة الحسين رضي الله عنه واستشهاده، وتناول أيضاً حركة زيد بن علي، وحركات الخوارج، وحركة صالح بن مسرح الخارجي، والحركة الزبيرية وغيرها من الحركات السياسية. ولم يغفل علاقة الدولة الأموية بالروم، ومواصلة الأمويين زحفهم لتحرير الأندلس، ومناطق كثيرة من المشرق الإسلامي
Cover-1-2-3-4-5-6-7-8-9-10-11-12-13-14-15-16-17-18-19
DOWNLOAD : PDF (Cover-1-2-3-4-5-6-7-8-9-10-11-12-13-14-15-16-17-18-19) # / PDF (1-19) / DOC
iTheme Techno Blogger by Black Quanta. Theme & Icons by N.Design Studio
Free Blogger Templates created by The Blog Templates
Free Blogger Templates created by The Blog Templates