خلاصة سير سيد البشر‬
أبي جعفر بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر‬ ‫الطبري



‫عدد الجزاء / 1‬ ‫خلصة سير سيد البشر‬ ‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫الحمد ل على نواله وله الشكر على واسع أفضاله وأفضل صلواته على النبي محمد وآله وبعد‬ ‫فهذا مختصر فيه ذكر نسب رسول ال {صلى ال عليه وسلم} وميلده ونبذ من غزواته وأحواله‬ ‫وحجه وعمره وأسمائه وصفاته وبعض مكارم أخلقه ومعجزاته وذكر أزواجه وبنيه وبناته‬ ‫وأعمامه وعماته وذكر خدمه وخيله ونعمه وسلحه وأثاثه وثيابه ووفاته {صلى ال عليه وسلم}‬ ‫جمعته عقله عجلن وعقيله أصل وإفتان من اثنى عشر مؤلفا ما بين كبير انتخبته وصغير‬ ‫اختصرته وسميته بخلصة سير سيد البشر {صلى ال عليه وسلم} ويشتمل على أربعة وعشرين‬ ‫فصل‬ ‫الفصل الول في نسبه {صلى ال عليه وسلم}‬ ‫هو أبو القاسم محمد بن عبد ال بن عبد المطلب بن‬ ‫هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك‬ ‫ابن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد‬ ‫بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن ثابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن‬ ‫بن آزر بن ناحورا بن ياروخ بن راغوا بن فالخ بن عيير بن شامخ بن أرفخشد بن سام بن نوح‬ ‫بن لمك بن متوشلخ بن خنوخ وهو إدريس أول بني آدم أعطى النبوة وخط بالقلم بن يزد بن‬ ‫مهليل بن قيس بن يانوش بن شيث‬ ‫بن آدم عليه السلم والنسب إلى عدنان متفق على صحته وما بعده مختلف فيه إل أنهم اتفقوا على‬ ‫أن النسب يرجع إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل ال تعالى وقريش هم أولد النضر وقيل فهر بن‬ ‫مالك وقيل النضر بن كنانة وقيل غير ذلك والول أصح وأشهر وأم رسول ال {صلى ال عليه‬ ‫وسلم} آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلب وقد روى أنها آمنت بعد موتها‬

‫أخبرنا بذلك الشيخ المام الصالح أبو الحسن علي بن أبي عبد ال بن أبي المقير قراءة عليه‬ ‫بالمسجد الحرام وأنا أسمع سنة ست وثلثين وستمائة قال أخبرنا الشيخ الحافظ أبو الفضل محمد‬ ‫بن ناصر السلمى أجازه قال أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرزاق الحافظ‬ ‫الزاهد قال أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمرو بن محمد بن الخضر حدثنا أبو غزية محمد‬ ‫بن يحى الزهري قال حدثنا عبد الوهاب بن موسى الزهري قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد‬ ‫عن‬ ‫هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي ال عنها أن النبي {صلى ال عليه وسلم} نزل الحجون‬ ‫كئيبا حزينا فأقام به ما شاء ال عز وجل ثم رجع مسرورا وقال سألت ربي عز وجل فأحيا لي‬ ‫أمي فآمنت بي ثم ردها‬ ‫الفصل الثاني في ذكر ميلده {صلى ال عليه وسلم}‬ ‫ولد رسول ال {صلى ال عليه وسلم} بمكة عام الفيل وقيل بعده بثلثين يوما وقيل بأربعين يوما‬ ‫والول أصح في يوم الثنين في شهر ربيع الول وقيل لليلتين خلتا منه وقيل لثمان وصححه كثير‬ ‫من‬ ‫العلماء وقيل لثنتي عشرة ليلة ولم يذكر ابن إسحاق غيره وقيل لثنين منه من غير تيقن وقيل‬ ‫ولد في رمضان لثنتى عشرة ليلة خلت منه وحملت به أمه في أيام التشريق في شعب أبي طالب‬ ‫عند الحجرة‬ ‫الوسطى وليلة ميلده {صلى ال عليه وسلم} ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة‬ ‫شرافة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام وغاصت بحيرة ساوة وأفزع ذلك كسرى‬ ‫الفصل الثالث ذكر نبذ من أحواله {صلى ال عليه وسلم}‬ ‫ولما ولدت آمنة رسول ال {صلى ال عليه وسلم} كان في حجر جده عبد المطلب فاسترضعته‬ ‫امرأة من بني سعد بن بكر يقال لها حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية‬ ‫فروى عنها أنها قالت لما وضعته في حجري أقبل ثدياى بما شاء ال من لبن فشرب حتى روى‬ ‫وشرب معه أخوه حتى روى وناما وما كان ينام قبل ذلك وما كان في ثدي ما يرويه ول في‬ ‫شارفنا ما يغذيه وقام زوجي إلى شارفنا تلك فنظر إليها فإذا بها لحافل فحلب منها ما شرب‬ ‫وشربت حتى انتهينا ريا وشبعا فبتنا بخير ليلة ولما رجعت تعنى إلى بلدها ركبت أتاني وحملته‬ ‫عليها فوال لقطعت بالركب ما ل يقدر عليها شيء من حمرهم حتى إن صواحبي ليقلن لي ويحك‬ ‫يا بنت أبي ذؤيب أربعي علينا أليس هذه أتانك التي كنت خرجت عليها فأقول لهن بلى وال إنها‬ ‫لهي‬ ‫فيقلن وال إن لها لشأنا وكانت قبل ذلك قد أذمت بالركب حتى شق عليهم ضعفا وجعفا فقدمنا‬

‫منازلنا وما أعلم أرضا من أرض ال أجدب منها وكانت غنمى تروح على حين قدمنا بها معنا‬ ‫شبعا فنحلب ونشرب وما يحلب‬ ‫إنسان قطرة لبن وما يجدها في ضرع حتى كان الحاضر من قومنا يقولون لرعيانهم ويلكم‬ ‫اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب‬ ‫قصة شق بطنه {صلى ال عليه وسلم}‬ ‫فلما شب وبلغ سنتيه فبينما هو وأخوه في‬ ‫بهم لنا إذ جاء أخوه يشتد فقال لي ولبيه ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلن عليهما ثياب بيض‬ ‫فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه قالت فخرجنا نحوه فوجدناه قائما منتقعا وجهه قالت فالتزمناه‬ ‫وقلنا مالك قال جاءني رجلن عليهما ثياب بيض فأضجعاني فشقا بطني فالتمسا فيه شيئا ل أدري‬ ‫ما هو قالت فرجعنا به إلى أحبائنا فقال‬ ‫أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلم قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر به ذلك قالت‬ ‫فاحتملناه فقدمنا به على أمه فقالت ما أقدمك يا ظئر وقد كنت حريصة عليه ولم تزل بها حتى‬ ‫أخبرتها خبرة فقالت أمه كل وال ما للشيطان عليه سبيل وإن لبني هذا لشأنا أفل أخبرك خبره‬ ‫قالت بلى قالت رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء له قصور بصرى من أرض الشام‬ ‫ثم حملت به فوال ما رأيت من حمل قط كان‬ ‫أخف منه ثم وقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالرض رافع رأسه إلى السماء دعيه عنك‬ ‫وانطلقي راشدة وأرضعته ثويبة أيضا جارية أبي‬ ‫لهب وأرضعت معه حمزة بن عبد المطلب وأبا سلمة عبد ال بن عبد السد المخزومي بلبن ابنها‬ ‫مسروح‬ ‫حضانته {صلى ال عليه وسلم}‬ ‫وحضنته أم أيمن الحبشية حتى كبر فأعتقها {صلى ال عليه وسلم} وزوجها زيد بن حارثة‬ ‫فولدت له أسامة وكان ورثها من أبيه ومات أبوه عبد ال بيثرب وكان لما تزوج آمنة وحملت منه‬ ‫{صلى ال عليه وسلم} بعث به عبد المطلب يمتار تمرا منها فتوفى بها وقيل بالبواء بين مكة‬ ‫والمدينة‬ ‫وقيل مات أبوه وقد أتى عليه ثمانية وعشرون شهرا وقيل سبعة أشهر وقيل شهران فلما بلغ ست‬ ‫سنين وقيل أربعا ماتت أمه فيتم في حجر جده عبد المطلب فلما بلغ ثماني سنين وشهرين وعشرة‬ ‫أيام توفى عبد المطلب فوليه عمه أبو طالب وكان أخ عبد ال لبويه ومنحه ال كل خلق جميل‬ ‫حتى لم يكن يعرف بين قومه إل بالمين‬ ‫1 2 3 4 5 6 نعم فقال وال لئن قدمت به الشام لتقتلنه اليهود فرده خوفا عليه منهم ثم‬

‫خرج {صلى ال عليه وسلم} مرة ثانية إلى الشام مع ميسرة غلم خديجة في تجارة لها قبل أن‬ ‫يتزوجها فلما قدم الشام نزل تحت ظل شجرة قريبا من صومعة راهب فاطلع الراهب إلى ميسرة‬ ‫فقال من هذا الرجل فقال له ميسرة رجل من قريش من أهل الحرم فقال ما نزل تحت هذه الشجرة‬ ‫قط إل نبي‬ ‫بيعه وشراؤه‬ ‫ثم باع {صلى ال عليه وسلم} سلعته واشترى ما أراد أن يشتريه ثم أقبل قافل إلى مكة فقيل إن‬ ‫ميسرة قال كان إذا كانت الهاجرة واشتد الحر نزل ملكان يظلنه من الشمس وهو يسير على‬ ‫بعيره فلما قدم مكة باعت خديجة ما جاء به بأضعافه أو قريبا‬ ‫سبب تزويجه خديجة‬ ‫وأخبرها ميسرة بقول الراهب وبإظلل الملكين له فبعثت إليه وعرضت نفسها عليه فقالت فيم‬ ‫يزعمون يا بن العم إني قد رغبت فيك لقرابتك مني وشرفك في قومك وسطتك فيهم وأمانتك‬ ‫عندهم وحسن خلقك‬ ‫وصدق حديثك ثم عرضت نفسها عليه وكانت رضي ال عنها حازمة لبيبة شريفة وهي يومئذ من‬ ‫أوسط نساء قريش أي أعدلهن وأفضلهن وأعظمهن شرفا وأكثرهن مال كل من قومها قد كان‬ ‫حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه فلما قالت لرسول ال ذلك ( ذكره لعمامه فخرج معه منهم‬ ‫حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها اليه فقبل )‬ ‫خطبة أبى طالب‬ ‫وحضر أبو طالب ورؤساء مضر فخطب أبو طالب فقال الحمد ل الذي جعلنا من ذرية إبراهيم‬ ‫وزرع إسماعيل وضئضى معد وعنصر مضر وجعلنا حضنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتا‬ ‫محجوبا وحرما آمنا وجعلنا الحكام على الناس ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد ال ل يوزن به‬ ‫رجل إل رجح به فإن كان في المال فإن المال ظل زايل وأمر حائل ومحمد من قد عرفتم قرابته‬ ‫وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي كذا وهو وال بعد‬ ‫هذا له نبأ عظيم وخطب جليل فتزوجها‬ ‫سنة يوم تزويجه‬ ‫وقد بلغ {صلى ال عليه وسلم} خمسا وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام وهي يومئذ ابنة ثمان‬ ‫وعشرين سنة وروى أنه أصدقها اثنتى عشرة أوقية‬ ‫ذهب فبقيت عنده قبل الوحي خمس عشرة سنة وبعده إلى ما قبل الهجرة بثلث سنين فماتت‬ ‫ولرسول ال {صلى ال عليه وسلم} تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر وكانت له وزير صدق‬ ‫وروى أن آدم عليه السلم قال إني لسيد البشر يوم القيامة إل رجل من ذريتي فضل على باثنتين‬

‫كانت زوجته عونا له وكانت زوجتي عونا علي وأعانه ال على شيطانه فأسلم وكفر شيطاني‬ ‫وروى أن أول من أسلم من النساء خديجة ومن الرجال أبو بكر ومن الغلمان على بن أبي طالب‬ ‫وقال {صلى ال عليه وسلم} ( أمرت أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب ل صخب فيه ول‬ ‫نصب ) وأتى جبريل النبي {صلى ال عليه وسلم} فقال أقرئ خديجة من ربها السلم فقال {صلى‬ ‫ال عليه وسلم} ( يا خديجة هذا جبريل يقرئك من ربك السلم فقالت ال السلم ومنه السلم على‬ ‫جبريل السلم )‬ ‫شهود بنيان الكعبة‬ ‫ولما بلغ {صلى ال عليه وسلم} خمسا وثلثين سنة شهد بنيان الكعبة وتراضت قريش بحكمه فيها‬ ‫فلما بلغ أربعين سنة ويوما بعثه ال بشيرا ونذيرا وأتاه جبريل بغار حراء جبل بمكة يتعبد فيه‬ ‫الليالي ذوات العدد فقال اقرأ فقال ما أنا بقارئ فقال {صلى ال عليه وسلم} فأخذني فغطني حتى‬ ‫بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فقال اقرأ ) باسم ربك الذي خلق ( إلى‬ ‫قوله ) علم النسان ما لم يعلم ( فرجع رسول ال {صلى ال عليه وسلم} يرجف بها بوادره حتى‬ ‫دخل على خديجة فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الورع ثم قال أي خديجة وأخبرها‬ ‫الخبر وقال لقد خشيت على نفسي قالت له خديجة أبشر وال ل يخزيك ال أبدا وال إنك لتصل‬ ‫الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق‬ ‫وانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل وهو ابن عمها وكان امرءا قد تنصر في‬ ‫الجاهلية وشيخا كبيرا قد عمى فقالت يا بن العم اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة يا بن أخي ماذا‬ ‫ترى فأخبره رسول ال {صلى ال عليه وسلم} خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذي أنزل‬ ‫على موسى يا ليتني فيها جذعا يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك قال رسول ال {صلى ال‬ ‫عليه وسلم} أو مخرجي هم قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إل عودى وإن يدركني‬ ‫يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفى وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول ال‬ ‫{صلى ال عليه وسلم} فيما بلغنا فغدا من أهله مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق جبال الحرم‬ ‫فكلما أوفى ذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدا له جبريل فقال يا محمد إنك لرسول حقا فيسكن لذلك‬ ‫جأشه وتعز نفسه فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فيتبدا له جبريل عليه السلم فيقول له‬ ‫مثل ذلك ولما أتم ال نبوته انصرف {صلى ال عليه وسلم} ل يأتي على حجر ول شجر‬ ‫إل سلم عليه سلم عليك يا رسول ال وعن جابر بن سمرة رضي ال عنه قال قال رسول ال‬ ‫{صلى ال عليه وسلم} ( إن بمكة الن لحجر كان يسلم على ليالي بعثت أني ل أعرفه الن )‬ ‫وكانت نبوته يوم الثنين لثمان خلون من ربيع الول فصدع بأمر ال وبلغ الرسالة ونصح المة‬



Download: here

0 comments

Post a Comment