ديوان الامام عبد الله بن المبارك




‫ديوان المام‬

‫تحقيق‬ ‫سعد كريم الفقي‬ ‫دار اليقين للنشر والتوزيع‬ ‫مصر المنصورة‬ ‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫المقدمة‬ ‫الحمد ل رب العالمين رفع السماء بل عمد الواحد الحد الفرد الصمد علم النسان ما لم يعلم‬ ‫سبحانه وتعالى تبارك اسمه وتعالى جده يسبح من في السموات والرض بجلله وعزته.‬ ‫وأصلي وأسلم على خير نبي أرسل محمد بن عبدال صلوات ربي وسلمه عليه صلة‬ ‫وسلما دائمين الى يوم الدين.‬ ‫إن خير الكلم كتاب ال وخير الهدي هدي محمد صلى ال عليه وسلم وش ّ المور محدثاتها‬ ‫ر‬ ‫وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وبعد:‬ ‫وكل ناع فسينعى‬ ‫وكل مذكور سينسى‬ ‫من عل فال أعلى‬ ‫كل باك فسيبكي‬ ‫وكل فخور سيفنى‬ ‫ليس غير ال يبقى‬

‫ثم أما بعد:‬ ‫فإن ديوان المام عبداله بن المبارك بين أيدينا آثارنا أن نجعله بين يدي القارئ الكريم لما‬ ‫يحويه من حكم وأشعار عظيمة.‬ ‫نسأل ال تبارك وتعالى، أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما جهلنا وأن يرزقنا بما علمنا العمل‬ ‫الصالح المقبول إنه على كل شيء قدير وبالجابة بصير إنه نعم المولى ونعم النصير.‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد ل رب العالمين.‬ ‫كتبه‬ ‫سعد كريم القفي‬ ‫عفا ال عنه‬

‫ترجمة عبدال بن المبارك‬ ‫يكنى أبا عبدالرحمن كان أبوه تركيا عند رجل من التجار من بني حنظلة. وكانت أمه تركية‬ ‫خوارزمية. ولد سنة ثماني عشرة ومائة، وقيل تسع عشرة. الحسن قال: كانت أم ابن المبارك‬ ‫تركية، وكان الشبه لهم بينا فيه، وكان ربما خلع قميصه فل أرى على صدره وجسده شعر‬ ‫كثير.‬ ‫قال: وكانت دار ابن المبارك بمرو كبير صحن الدار نحو خمسين ذراعا في خمسين ذراعا،‬ ‫فكنت ل تحب ان ترى في داره صاحب علم أو صاحب عبادة أو رجل له مروءة وقدر إل‬ ‫رأيته في داره، يجتمعون في كل يوم خلقا يتذاكرون حتى إذا خرج ابن المبارك انضموا اليه.‬ ‫فلما صار ابن المبارك بالكوفة نزل في دار صغيرة وكان يخرج الى الصلة ثم يرجع الى‬ ‫منزله ل يكاد يخرج منه ول يأتيه كثير أحد. فقلت له يا أبا عبدالرحمن، أل تستوحش هاهنا‬ ‫مع الذي كنت فيه بمرو؟ فقال: إنما فررت من مرو من الذي تراك تحبه وأحيت ما ها هنا‬ ‫للذي أراك تكرهه لي، فكنت بمرو ل يكون قوم إل أتوني فيه ول مسألة إل قالوا: اسألوا ابن‬ ‫المبارك، وأنا هاهنا في عافية من ذلك.‬

‫قال: وكنت مع ابن المبارك يوما فأتينا على سقاية والناس يشربون منها، فدنا ليشرب ولم‬ ‫يعرفه الناس فزحموه ودفعوه فلما خرج قال لي: ما العيش إل هكذا، يعني حيث لم نعرف ولم‬ ‫نوقر.‬ ‫قال: وبينا هو بالكوفة يقرأ عليه كتاب المناسك. انتهى الى حديث وفيه: قال عبدالواحد وبه‬ ‫نأخذ. فقال: من كتب هذا من قولي؟ قلت: الكاتب الذي كتبه. فلم يزل يحكه بيده حتى درس.‬ ‫ثم قال: ومن أنا حتى يكتب قولي؟‬ ‫قال: الحسن وكنا على باب سفيان بن عيينه يوما، وأصحاب الحديث وهم يرون أن عنده‬ ‫بعض هؤلء الكبار يحدثه. فقال رجل: أعياني أن أرى رجل ل يسوي بين الناس في علمه.‬ ‫فقال له آخر: هذا عبدال بن المبارك. قال: نعم هات غيره، أتعرف غيره؟‬ ‫فلما قدمت الكوفة ذكرت لبن المبارك قول الرجل وأنه فلن ولم أعلمه أنهم سموه. فقال: أفل‬ ‫قالوا الفضيل بن عياض؟‬ ‫قال الحسن: ورأيت في منزل ابن المبارك حماما ط ّارة. فقال ابن المبارك: قد كنا ننتفع‬ ‫ي‬ ‫بفراخ هذا الحمام فليس ننتفع بها اليوم قلت: ولم ذلك؟ قال: اختلطت بها حمام غيرها فتزاوجت‬ ‫بها فنحن نكره أنننتفع بشيء من فراخها من أجل ذلك.‬ ‫قال الحسن: وصحبت ابن المبارك من خراسان الى بغداد فما رأيتاه يأكل وحده.‬ ‫قال: وزوج النضر بن محمد ولده ادعى ابن المبارك. فلما جاء أقام ابن المبارك ليخدم الناس‬ ‫فأبى النضر أن يدعه وحلف عليه حتى جلس.‬ ‫عبيد بن جناد قال: قال عطاء بن مسلم: يا عبيد رأيت عبدال ابن المبارك؟ قلت: نعم، قال:‬ ‫ما رأيت مثله ول يرى مثله.‬ ‫عبدالرحمن بن مهدي قال: ما رأت عيناي أنصح لهذه المة من عبدال ابن المبارك.‬ ‫نعيم بن حماد قال: كان عبدال بن المبارك كثير الجلوس في بيته فقيل له: أل تستوحش؟‬ ‫فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي صلى ال عليه وسلم؟‬ ‫شقيق بن إبراهيم قال: قيل لبن المبارك: إذا صليت معنا لم تجلس معنا؟ قال: أذهب أجلس‬ ‫مع الصحابة والتابعين. قلنا له: ومن أين الصحابة والتابعون؟ قال: أذهب أنظر في عملي‬

‫فأدرك آثارهم وأعمالهم، ما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس، فإذا كانت سنة مائتين فالبعد من‬ ‫كثير من الناس أقرب الى ال، وفر من الناس كفرارك من أسد، وتمسك بدينك يسلم لك.‬ ‫الحسين بن الحسن المروزي قال: قال عبدال بن المبارك: كن محبا للخمول كراهية الشهرة‬ ‫ول تظهر من نفسك أنك تحب الخمول فترفع نفسك فإن دعواك الزهد من نفسك هو خروجك‬ ‫من الزهد لنك تجر الى نفسك الثناء والمدحة.‬ ‫أشعث بن شعبة المصيصى قال: قدم هارون الرشيد الرقة فانجفل الناس خلف عبدال بن‬ ‫المبارك وتقطعت النعال وارتفعت الغبرة وأشرفت أم ولد أمير المؤمنين من برج من قصر‬ ‫الخشب فلما رأت الناس قالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من أهل خراسان قدم الرقة يقال له عبدال‬ ‫بن المبارك. فقالت: هذا وال الملك ل ملك هارون الذي ل يجمع الناس إل بشرط وأعوان.‬ ‫سويد بن سعيد قال: رأيت عبدال بن المبارك بمكة أتى زمزم فاستقى منها ثم استقبل الكعبة‬ ‫فقال: اللهم إن ابن أبي المولى حدثنا عن محمد بن المنكدر، عن جابر عن النبي صلى ال عليه‬ ‫وسلم أنه قال:" ماء زمزم لما شرب له" وهذا أشربه لعطش يوم القيامة. ثم شربه.‬ ‫نعيم بن حماد قال: كان ابن المبارك إذا قرا كتاب الرقاق فكأنه بقرة منحورة من البكاء ل‬ ‫يجترئ أحد منا أن يدنو منه أو يسأله عن شيء.‬ ‫قال سفيان: إني لشتهي من عمري كله أن أكون سنة واحدة مثل عبدال بن المبارك فما‬ ‫أقدر أن أكون ول ثلثة أيام.‬ ‫عمران بن موسى الطرسوسي قال: جاء رجل فسأله سفيان الثوري عن مسألة، فقال له: من‬ ‫أين أتيت؟ قال: من أهل المشرق: قال: أوليس عندكم أعل أهل المشرق؟ قال: ومن هو يا أبا‬ ‫عبدال؟ قال: عبدال بن المبارك. قال: وهو أعلم أهل المشرق؟ قال: نعم وأهل المغرب.‬ ‫قال ابن عيينة: نظرت في أمر الصحابة وأمر ابن المبارك فما رأيت لهم عليه فضل إل‬ ‫بصحبتهم النبي صلى ال عليه وسلم وغزوهم معه.‬ ‫حبان بن موسى قال: عوتب ابن المبارك فيما يقرى من المال في البلدان ول يفعل في أهل‬ ‫بلده كذلك، فقال: إني أعرف مكان قوم لهم فضل، وصدق طلبوا الحديث وأحسنوا الطلب،‬ ‫فاحتاجوا، فإن تركناهم ضاع علمهم، وإن أعناهم بثوا العلم لمة محمد صلى ال عليه وسلم،‬ ‫ول أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم.‬

‫عبدال بن ضريس قال: قيل لعبدال بن المبارك: يا أبا عبدالرحمن، الى متى تكتب هذا‬ ‫الحديث؟ فقال: لعل الكلمة التي انتفع بها ما كتبتها بعد.‬ ‫الحسين بن الحسن المروزي قال: سمعت ابن المبارك يقول: أهل الدنيا خرجوا من الدنيا قبل‬ ‫أن يتطعموا أطيب ما فيها. قيل له: وما أطيب ما فيها؟ قال: المعرفة بال عز وجل.‬ ‫قطن بن سعيد قال: ما أفطر ابن المبارك رئى نائما قط.‬ ‫علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت ابن المبارك يقول: لن أرد درهما من شبهة أحب الى‬ ‫من أن أتصدق بمائة ألف ومائة ألف، حتى بلغ ستمائة ألف.‬ ‫عبدال بن خبيق قال: قيل لبن المبارك: ما التواضع؟ قال: التكبر على الغنياء.‬ ‫عياش بن عبدال قال: قال عبدال بن المبارك: لو أن رجل أبقى مائة شيء ولم يتورع عن‬ ‫شيء واحد لم يكن ورعا ومن كان فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين. أما سمعت ال تعالى‬ ‫قال لنوح عليه السلم لما قال: {ان ابني من أهلي} فقال ال تعالى:{ إني أعظك أن تكون من‬ ‫الجاهلين}؟‬ ‫علي بن الحسن قال: سمعت عبدال بن المبارك يقول: ل يقع موقع الكسب على العيال‬ ‫شيء، ول الجهاد في سبيل ال.‬ ‫عبدال بن عمر السرخسي قال: قال لي ابن المبارك: ما أعياني شيئ كما أعياني أني ل أجد‬ ‫أخا في ال عز وجل.‬ ‫سليمان بن داود قال: سألت ابن المبارك من الناس؟ قال: العلماء، قلت فمن الملوك؟ قال:‬ ‫الزهاد، فمن الغوغاء؟ قال: خزيمة وأصحابه. قلت: فمن السفلة؟ قال: الذين يعيشون بدينهم.‬ ‫فضيل بن عياض قال: سئل ابن المبارك: من الناس؟ قال: العلماء. قال: فمن الملوك؟ قال:‬ ‫الزهاد. قال: فمن السفلة؟ قال: الذي ياكل دينه.‬ ‫أحمد بن جميل المروزي قال: قيل لعبدال بن المبارك: إن إسماعيل ابن علية قد ولى‬ ‫الصدقات. فكتب اليه ابن المبارك:‬ ‫يصطاط أموال المساكين‬ ‫يا جاعل العلم له بازيا‬




DOWNLOAD : here

0 comments

Post a Comment