التبر المسبوك في نصيحة الملوك‬‬
‫حجة الاسلم أبو حامد محمد الغزالي الطوسي





‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫•‬

‫أصول العدل والنصاف عشرة‬
‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬

‫بيان العيني اللتي ها مشرب شجرة اليان‬
‫1‬

‫•‬

‫التبر المسبوك في نصيحة الملوك‬ ‫مكتبة مشكاة السلمة‬

‫العي الول ف معرفة الدنيا ول أوجد فيها النسان‬ ‫العي الثانية معرفة النفس الخي‬ ‫‪ ‬الكاية الول‬ ‫‪ ‬الكاية الثانية‬ ‫‪ ‬الكاية الثالثة‬ ‫‪ ‬الكاية الرابعة‬ ‫‪ ‬الكاية الامسة‬ ‫حكاية عن عمر بن الطاب يطوف مع العسس‬ ‫حكاية لعمر بن عبد العزيز مع خازن لبيت الال‬ ‫حكاية رجل انقطع من قافلة الج وضل الطريق‬ ‫حكاية عن الأمون وولته‬ ‫حكاية عن يزدجر بن شهريار‬ ‫حكاية عن أزدشي‬ ‫حكاية عن ملوك العجم‬ ‫حكاية عن سليمان عليه السلم‬ ‫حكاية لشاهنشاه مع وزرائه‬ ‫حكاية عن المي عمارة بن حزة‬ ‫حكاية لعفر بن موسى الادي‬ ‫حكاية لنو شروان مع ندي له‬ ‫حكاية تفاخر عبدين‬

‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬

‫ف ذكر العدل والسياسة وذكر اللوك وسيهم‬
‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬

‫•‬

‫الباب الثان ف سياسة الوزارة وسية الوزراء‬
‫‪o‬‬

‫•‬

‫الباب الثالث ف ذكر الكتاب وآدابم‬
‫‪o‬‬

‫•‬

‫الباب الرابع ف سو هم اللوك‬
‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬

‫•‬

‫الباب الامس ف ذكر حلم الكماء‬
‫2‬

‫•‬

‫التبر المسبوك في نصيحة الملوك‬ ‫مكتبة مشكاة السلمة‬

‫الباب السادس ف شرف العقل والعقلء‬ ‫حكاية عن الليفة النصور‬ ‫حكاية لسليمان عليه السلم‬ ‫حكاية لفاسق مع امرأة عفيفة‬ ‫حكاية للحسن البصري مع رابعة العدوية‬ ‫حكاية لفاطمة الزهراء‬ ‫حكاية لسرو بن أبرويز‬
‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬

‫•‬

‫الباب السابع ف ذكر النساء‬
‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬ ‫‪o‬‬

‫•‬

‫أصول اليمان‬ ‫الصل الول قاعدة العتقاد الذي هو أصل اليمان‬ ‫اعلم أيها السلطان أنك مخلوق ولك خالق وهو خالق العالم وجميع ما في العالم وأنه ل شريك له فرد‬ ‫ل مثل له كان في الزل وليس لكونه زوال ويكون مع البد وليس لبقائه فناء وجوده في البد والزل‬ ‫وما للعدم إليه سبيل وهو موجود بذاته وكل أحد محتاج إليه وليس له إلى أحد احتياج وجوده به‬ ‫ووجود كل شيء به.‬ ‫الصل الثاني في تنزيه الخالق تعالى‬ ‫اعلم أن البارئ تعالى ذكره ليس له صورة ول مثل وأنه ل ينزل ول يحل في قالب وأنه تعالى من ّه‬ ‫ز‬ ‫عن الكيف والكم وعن لماذا وكم وأنه ل يشبه شيئً ول يشبه شيء وكلما يخطر في الوهم والخيال‬ ‫ا‬ ‫والفكر من التخيل والتمثيل والتكيف فانه من ّه عن ذلك لن ذلك من صفات المخلوقين وهو خالقها‬ ‫ز‬ ‫فل يوصف بها وأنه تعالى ج ّه ليس في مكان ول على مكان فإن المكان ل يحصره وكل ما في العالم‬ ‫د‬ ‫فإنه تحت عرشه وعرشه تحت قدرته وتسخيره وأنه قبل العرش كان فترها عن المكان وليس العرش‬ ‫بحامل له بل العرش وحملته يحملهم لطفه وقدرته.‬ ‫الصل الرابع في العلم‬ ‫وأنه تعالى عالم بكل معلوم وعلمه محيط بكل شيء فليس شيء في العل إلى الثرى إل قد أحاط به‬ ‫علمه لن الشياء جميعها بعلمه ظهرت وبإرادته خلقها وبقدرته كونها وأنه تعالى يعلم عدة رمال‬ ‫القفار وقطرات المطار وورق الشجار وغوامض الفكار وما دارت عليه الرياح والهواء في علمه‬ ‫ظاهر مثل عدد نجوم السماء.‬ ‫وأن جميع ما في العالم بإرادته ومشيئته وليس شيء من قليل أو كثير صغير أو كبير خير أو شر نفع‬ ‫أو ضر زيادة أو نقصان راحة أو تعب صحة أو صب إل بحكمه وتدبيره ومشيئته وتقديره.‬

‫3‬

‫التبر المسبوك في نصيحة الملوك‬ ‫مكتبة مشكاة السلمة‬
‫لو اجتمع النس والجن والملئكة والشياطين على أن يح َكوا في العالم ذرة أو يسكنوها أو ينقصوا‬ ‫ر‬ ‫منها أو يزيدوا فيها بغير إرادته وحوله وقوته لعجزوا عن ذلك ولم يقدروا وما شاء ال كان وما ل‬ ‫يشاء ل يكون ول ترد مشيئته ومهما كان ويكون أو هو كائن فإنه بتدبيره وأمره وتسخيره.‬ ‫الصل الخامس والسادس في أنه سميع بصير‬ ‫وكما أنه عالم بجميع المعلومات فإنه سميع لكل مسموع بصير لكل مبصر وأنه بسمع واحد وبصر‬ ‫واحد يرى دبيب النملة في الليلة المظلمة ول يخفى عن سمعه صوت الدود تحت أطباق الرض وأن‬ ‫سمعه ليس بأذن وبصره ليس بعين.‬ ‫وكما أن علمه ل يصدر عن فكرة ففعله بغير آلة وعدة يقول للشيء كن فيكون.‬ ‫الصل السابع في الكلم‬ ‫وأن أمره تعالى على جميع الخلق نافذ واجب مهما أخبره من وعد ووعيد فانه حق وأمره كلمه.‬ ‫وكما أنه عالم مريد قدير سميع بصير فهو متكلم وكلمه بغير حلق ول لسان ول فم ول أسنان‬ ‫والقرآن والتوراة والنجيل والزبور والكتب المن َلة على النبياء عليهم السلم جميعها كلمه.‬ ‫ز‬ ‫وكلمه صفته وكل صفاته قديمة وكما أن الكلم عند الدمي حرف وصوت فكلم ال منزَه عن‬ ‫الصوات والحروف.‬ ‫الصل الثامن في أفعاله تعالى‬ ‫وأن جميع ما في العالم مخلوق له تعالى وليس معه شريك ول خالق بل هو الخالق الواحد ومهما خلقه‬ ‫من تعب ومرض وفقر وعجز وجهل فعدل منه ول يمكن الظلم في أفعاله لن الظالم هو الذي‬ ‫يتصرف في ملك غيره والخالق تعالى ل يتصرف إل في ملكه وليس معه مالك سواء وكل ما يكون‬ ‫وهو كائن فهو ملك له وهو المالك بل شبيه ول شريك وليس لحد عليه اعتراض بلم وكيف ولكن له‬ ‫الحكم والمر في كل أفعاله وما لحد غير التسليم والنظر إلى صنعه والرضا بقضائه.‬ ‫الصل التاسع في ذكر الخرة‬ ‫وأنه تعالى خلق العالم من نوعين جسد وروح وجعل الجسد منزلً للروح لتأخذ زاداً لخرتها من هذا‬ ‫العالم وجعل لكل روح مدة مق ّرة تكون في الجسد فآخر تلك المدة هو أجل تلك الروح من غير زيادة‬ ‫د‬ ‫ول نقصان فإذا جاء الجل ف ّق بين الروح والجسد وإذا وضع الميت في قبره أعيدت روحه إلى‬ ‫ر‬ ‫جسده ليجيب سؤال منكر ونكير وهما شخصان هائلن عظيمان فيسألنه من ربك ومن نبيك فإن‬ ‫استعجم ولم يجب ع ّباه ومل قبره حيات وعقارب.‬ ‫ذ‬ ‫ويوم القيامة يوم الحساب والمكافأة والمناقشة والمجازاة تر ّ الروح إلى الجسد وتنشر الصحف‬ ‫د‬ ‫وتعرض العمال على الخلئق فينظر كل إنسان في كتابه فيرى أعماله ويشاهد أفعاله ويعلم مقدار‬ ‫طاعته ومعصيته وتوزن أعماله في ميزان العمال ثم يؤمر بالجواز على الصراط.‬ ‫والصراط أدق من الشعرة وأح ّ من الشفرة فكل من كان في هذا العالم على الطريقة المستقيمة‬ ‫د‬ ‫الصالحة وسلوك المحجة الواضحة عبر على الصراط وجازه في راحة واستراحة وإن لم يكن على‬

‫4‬

‫التبر المسبوك في نصيحة الملوك‬ ‫مكتبة مشكاة السلمة‬
‫السيرة المحمودة والعمال الصالحة الرشيدة وعصي موله واتَبع هواه فأنه ل يجد الطريق على‬ ‫الصراط ول يهتدي إلى الجواز ويقع في جهنم.‬ ‫والكل يوقفون على الصراط ويُسألون عن أفعالهم فيُسأل الصادقون عن صدقهم ويمتحن المراؤون‬ ‫والمنافقون ويفضحون فمن الناس قوم يدخلون الجنة بغير حساب وجماعة يحاسبون بالرفق‬ ‫والمسامحة وجماعة يحاسبون بالصعوبة والمناقشة والمحاققة ثم يسحب الكفار إلى نار جهنم بحيث ل‬ ‫يجدون خلصا ويدخل أهل الجنة ويؤمر بالعصاة إلى النار وكل من نالته شفاعة النبياء والعلماء‬ ‫ً‬ ‫والكابر ُفي عنه وكل من ليس له شفيع عوقب بمقدار إثمه و ُذب بقدر جرمه ثم يدخل الجنة إن‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫كان قد سلم معه أيمانه.‬ ‫الصل العاشر في ذكر رسول ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫ولما ق ّر ال تعالى هذا التقدير وجعل النسان وأحواله واكتسابه وأعماله منها ما هو سبب لسعادته‬ ‫د‬ ‫ومنها ما هو سبب لشقاوته والنسان ل يقدر أن يعرف ذلك من تلقاء نفسه خلق ال تعالى بحكم فضله‬ ‫ورحمته وطوله ومنته ملئكة وبعثهم إلى أشخاص قد حكم لهم بالسعادة في الزل وهم النبياء عليهم‬ ‫الصلة والسلم فأرسلهم إلى الخلق ليوضحوا لهم طرق السعادة والشقاوة لئل يكون للناس على ال‬ ‫حجة وأرسل نبينا محمداً صلى ال عليه وسلم آخرً وجعله بشيراً ونذيرا فأوصل نب ّته إلى درجة‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫الكمال فلم يبقَ للزيادة فيه مجال ولهذا جعله خاتم النبياء فل نبي بعده وأمر الخلئق من النس‬ ‫والجن بطاعته واتباعه وجعله سيد الولين والخرين وجعل أصحابه خير أصحاب النبياء صلوات‬ ‫ا ّ عليهم أجمعين.‬ ‫ل‬ ‫ذكر فروع شجرة اليمان إعلم أيها السلطان أن كل ما كان في قلب النسان من معرفة واعتقاد فذلك‬ ‫أصل اليمان وما كان جارياً على أعضائه السبعة من الطاعة والعدل فذلك فرع اليمان.‬ ‫فإذا كان الفرع ذاوياً د ّ على ضعف الصل فإنه ل يثبت عند الموت وعمل البدن عنوان إيمان‬ ‫ل‬ ‫القلب.‬ ‫والعمال التي هي فروع اليمان هي تجنب المحارم وأداء الفرائض وهما قسمان: أحدهما بينك وبين‬ ‫ال تعالى مثل الصوم والصلة والحج والزكاة واجتناب شرب الشراب والعفة عن الحرام.‬ ‫والخرى بينك وبين الخلق وهي العدل في الرعية والكف عن الظلم.‬ ‫والصل في ذلك أن تعمل فيما بينك وبين الخالق تعالى من طاعة أمره والزدجار بزجره وما تختار‬ ‫أن تعتمده عبيدك في حقك وأن تعمل فيما بينك وبين الناس ما تؤثر أن يعمل معك من واعلم أ ّ ما‬ ‫ن‬ ‫كان بينك وبين الخالق سبحانه فإن عفوه قريب وأما ما يتعلق بمظالم الناس فإنه ل يتجاوز به عنك‬ ‫على كل حال يوم القيامة وخطره عظيم ول يسلم من هذا الخطر أحد من الملوك إل ملك عمل بالعدل‬ ‫والنصاف ليعلم كيف يطلب العدل والنصاف يوم القيامة.‬ ‫أصول العدل والنصاف عشرة‬ ‫الصل الول‬ ‫من ذلك هو أن تعرف أولً قدر الولية وتعلم خطرها فإن الولية نعمة من نعم ال عز وجل من قام‬ ‫بح ّها نال من السعادة ما ل نهاية له ول سعادة بعده ومن ق ّر عن النهوض بحقها حصل في شقاوة‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫ل شقاوة بعدها إل الكفر بال تعالى.‬

‫5‬

‫التبر المسبوك في نصيحة الملوك‬ ‫مكتبة مشكاة السلمة‬
‫والدليل على عظم قدرها وجللة خطرها ما روي عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال: (عدل‬ ‫السلطان يوماً واحداً أحب إلى ال من عبادة سبعين سنة).‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (إذا كان يوم القيامة ل يبقى ظل ول ملجأ إل ظل ال ول يستظل بظله أل‬ ‫سبعة أناس: سلطان عادل ي رعيته وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل يكون في السوق وقلبه في‬ ‫المسجد ورجلن تحابا في ال ورجل ذكر ال في خلوته فأذرى دمعه من مقلته ورجل دعته امرأة‬ ‫ذات حسن وجمال ومال إلى نفسها فقال إني أخاف ال وجل يتصدق سراً بيمينه ولم تشعر بها شماله)‬ ‫.‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (أحب الناس إلى ال تعالى وأقربهم إليه السلطان العادل وأبغضهم إليه‬ ‫وأبعدهم منه السلطان الجائر).‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (والذي نفس محمد بيده إنه ليرفع للسلطان العادل إلى السماء من العمل‬ ‫مثل عمل جملة الرعية وكل صلة يصّيها تعدل سبعين ألف صلة).‬ ‫ل‬ ‫فإذا كان كذلك فل نعمة أج ّ من أن يعطى العبد درجة السلطنة ويجعل ساعة من عمره بجميع عمر‬ ‫ل‬ ‫غيره ومن لم يعرف قدر هذه النعمة واشتغل بظلمه وهواه يخاف عليه أن يجعله ال من جملة أعدائه.‬ ‫ومما يد ّ على خطر الولية ما روي عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أتى بعض‬ ‫ل‬ ‫اليام فلزم حقه باب الكعبة وكان في البيت نفر من قريش فقال: (يا سادات قريش عاملوا رعاياكم‬ ‫وأتباعكم بثلثة أشياء: إذا سألوكم الرحمة فارحموهم وإذا حكموكم فاعدلوا فيهم واعملوا بما تقولون‬ ‫فمن لم يعمل بهذا فعليه لعنة ال وملئكته ل يقبل ال منه فرضا ول نفلً).‬ ‫ً‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (من حكم بين إثنين بظلم فلعنة ال على الظالمين) وقال عليه الصلة‬ ‫والسلم: (ثلثة ل ينظر ال إليهم: سلطان كجائز كاذب وشيخ زان وفقير متكبر يعني أنه متكبر‬ ‫ٍ‬ ‫للطمع).‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم يوماً للصحابة: (سيأتي عليكم يوم تفتحون فيه جانبي الشرق والغرب‬ ‫ويصير في أيديكم وكل عمال تلك الماكن في النار إل من اتقى ال وسلك سبيل التقوى وأ ّى المانة)‬ ‫د‬ ‫.‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (ما من عبد و ّه ال أمر رعية فغشهم ولم ينصح لهم ولم يشفق عليهم ال‬ ‫ل‬ ‫حرَم ال عليه الجنة).‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (من وَي أمور المسلمين ولم يحفظهم كحفظة أهل بيته فقد تبوأ مقعده من‬ ‫ل‬ ‫النار).‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (رجلن من أمتي يحرمان شفاعتي: ملك ظالم ومبتدع غال في الدين‬ ‫يتعدى الحدود).‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (أش ّ الناس عذابً يوم القيامة السلطان الظالم).‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (خمسة قد غضب ال عليهم إن شاء أمضى غضبه ومقرهم النار: أمير‬ ‫قوم يطيعونه يأخذ حقه منهم ول ينصفهم من نفسه ول يرفع الظلم عنهم ورئيس قوم يطيعونه ول‬ ‫يساوي بين القوي والضعيف ويحكم بالميل والمحاباة ورجل ل يأمر أهله وأولده بطاعة ال ول‬

‫6‬

‫التبر المسبوك في نصيحة الملوك‬ ‫مكتبة مشكاة السلمة‬
‫يعلمهم أمور الدين ول يبالي من أين أطعمهم ورجل استأجر أجيراً فتمم عمله ومنعه أجرته ورجل‬ ‫ظلم زوجته في صداقها).‬ ‫ويروى أن عمر بن الخطاب رضي ال عنه تبع يوماً جنازة فتقدم رجل فصلى عن الجنازة فلما دفن‬ ‫الميت وضع ذلك الرجل يده على القبر وقال: اللهم إن عذبته فبحقك لنه عصاك وأن رحمته فإنه‬ ‫فقير إلى رحمتك وطوبي لك أيها الميت إن لم تكن أميراً أو عريفاً أو كابتً أوعوانياً أو جابياً.‬ ‫ا‬ ‫فلما تكلم بهذه الكلمات غاب شخصه عن عيون الناس فأمر عمر بطلبه فلم يوجد فقال عمر: هذا‬ ‫الخضر عليه السلم.‬ ‫وقال النبي صلى ال عليه وسلم: (ويل للمراء وويل للعرفاء وويل للعوانية فإنهم أقوام يعلقون من‬ ‫السماء بذوائبهم في القيامة ويسحبون على وجوههم إلى النار يودون لو لم يعلموا عملً قط).‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم: (ما من رجل ولي أمر عشرة من الناس إل وجيء به يوم القيامة ويداه‬ ‫مغلولتان إلى عنقه فإن كان عمله صالحً ف ّ الغل عنه وإن كان عمله سيئً زيد عليه غل آخره).‬ ‫ا‬ ‫اك‬ ‫وقال علي بن أبي طالب رضي ال عنه: ويل لقاضي الرض من قاضي السماء حين يلقاه إل من‬ ‫عدل وقضى بالحق ولم يحكم بالهوى ولم يمل مع أقاربه ولم يبدل حكماً لخوف أو طمع لكن يجعل‬ ‫كتاب ال مرآته ونصب عينيه ويحكم بما فيه.‬ ‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم: (يؤتى بالولة يوم القيامة فيقول ال جلّ وعل: (أنتم كنتم رعاة‬ ‫خليقتي وخزنة ملكي في أرضي).‬ ‫ثم يقول لحدهم: (لم ضربت عبادي فوق الحد الذي أمرت به).‬ ‫فيقول: يا رب لنهم عصوك وخالفوك.‬ ‫فيقول ج ّ جلله: (ل ينبغي أن يسبق غضبك غضبي).‬ ‫ل‬ ‫ثم يقول للخر: (لم ضربت عبادي أقل من الحد الذي أمرت به) فيقول: يا رب رحمتهم.‬ ‫فيقول تعالى: قال حذيفة بن اليمان: أنا ل أثني على أحد من الولة سواء كان صالحاً أو غير صالح‬ ‫لني سمعت رسول ال صلي ال عليه وسلم يقول: (يؤتي بالولة العادلين والظالمين يوم القيامة‬ ‫فيوقفون على الصراط فيوحي ال إلى الصراط أن ينفضهم إلى النار مثل من جار في الحكم أو أخذ‬ ‫رشوة على القضاء أو أعار سمعه لحد الخصمين دون الخر فيسقطون من الصراط فيهوون سبعين‬ ‫سنة في النار حتى يصلوا إلى قرارها).‬ ‫وقد جاء في الخبر أن داود عليه السلم كان يخرج ليلً متنكراً بحيث ل يعرفه أحد وكان يسأل كل‬ ‫من يلقاه عن حال داود سرً فجاءه جبريل في صورة رجل فقال له داود: ما تقول في داود فقال: نعم‬ ‫ا‬ ‫العبد إل أنه يأكل من بيت المال ول يأكل من ك ّه وتعب يديه.‬ ‫د‬ ‫فعاد داود إلى محرابه باكياً حزيناً وقال: إلهي علمني صنعة آكل بها من كدي وتعب يدي.‬ ‫فعلمه ال تعالى صنعة الزرد.‬

‫7‬

‫التبر المسبوك في نصيحة الملوك‬ ‫مكتبة مشكاة السلمة‬
‫وكان عمر بن الخطاب يخرج كل ليلة يطوف مع العسس حتى يرى خللً يتداركه وكان يقول:‬ ‫لوتركت عنزً جرباء على جانب ساقية لم تدهن لخشيت أن أسئل عنها في القيامة.‬ ‫ا‬ ‫فانظر أيها السلطان إلى عمر مع احتياطه وعدله وما وصل أحد إلى تقواه وصلته كيف يتفكر‬ ‫ويتخوف من أهوال يوم القيامة وأنت قد جلست لهياً عن أحوال رعيتك غافلً عم أهل وليتك.‬ ‫قال عبد ال بن عمر وجماعة من أهل بيته: كنا ندعو ال أن يرينا عمر في المنام فرأيته بعد أثني‬ ‫عشر كأنه قد اغتسل وهو متلفع فقلت: يا أمير المؤمنين كيف وجدت ربك وبأي حسناتك جازاك‬ ‫فقال: يا عبد ال كم لي منذ فارقتك فقلت: إثنتا عشرة سنة.‬ ‫فقال: منذ فارقتكم في الحساب وخفت أن أهلك إل أن ال غفور رحيم جواد كريم.‬ ‫فهذا حال عمر ولم يكن له من دنياه شيء من أسباب الولية سوى درة.‬ ‫حكاية: أرسل قيصر ملك لروم رسولً إلى عمر بن الخطاب لينظر أحواله ويشاهد فعاله فلما دخل‬ ‫المدينة سأل أهلها وقال: أين ملككم قالوا: ليس لنا ملك بل لنا أمير قد خرج إلى ظاهر المدينة.‬ ‫فخرج الرسول في طلبه فوجده نائماً في الشمس على الرض فوق الرمل الحار وقد وضع درته‬ ‫كالوسادة تحت رأسه والعرق يسقط منه إلى أن بل الرض فلما رآه على هذه الحالة وقع الخشوع في‬ ‫قلبه وقال: رجل تكون جميع ملوك الرض ل يقر لهم قرار من هيبته وتكون هذه حالة ولكنك يا عمر‬ ‫عدلت فأمنت فنمت وملكنا يجور ل جرم أنه ل يزال ساهراً خائفاً.‬ ‫أشهد أن دينكم لدين الحق ولول أني أتيت رسول لسلمت ولكن سأعود بعد هذا وأسلم.‬ ‫ً‬ ‫أيها السلطان خطر الولية عظيم وخطبها جسيم والشرح في ذلك طويل ول يسلم الوالي ال بمقارنة‬ ‫عملء الدين ليعلموه طرق العدل ويسهلوا عليه خطر هذا المر.‬ ‫أن يشتاق أبداً إلى رؤية العلماء ويحرص على استماع نصحهم وأن يحذر من علماء السوء الذين‬ ‫يحرصون على الدنيا فإنهم يثنون عليك ويغرونك ويطلبون رضاك طمعاً فيما في يديك من خبث‬ ‫الحطام ووبيل الحرام ليحصلوا منه شيئً بالمكر والحيل.‬ ‫ا‬ ‫والعالم هو الذي ل يطمع فيما عندك من المال ومنصفك في الوعظ والمقال.‬ ‫كما يقال أن شقيقاً البلخي دخل على هارون الرشيد فقال له: أنت شقيق الزاهد فقال: أنا شقيق ولست‬ ‫بزاهد.‬ ‫فقال له: أوصني.‬ ‫فقال: إن ال تعالى قد أجلسك مكان الصديق وأنه يطلب منك مثل صدقة وأنه أعطاك موضع عمر بن‬ ‫الخطاب الفاروق وأنه يطلب منك الفرق بين الحق والباطل مثله وأنه أقعدك موضع عثمان بن عفان‬ ‫ذي النورين وهو يطلب منك مثل حيائه وكرمه وأعطاك موضع علي بن أبي طالب وهو يطلب منك‬ ‫مثل العلم والعدل كما يطلب منه.‬ ‫فقال له: زدني من وصيتك.‬


Read Now Read Now



DOWNLOAD : here

0 comments

Post a Comment