‫تشريح القانون‬
أبو على الحسين بن عبد ال بن الحسن بن على بن سينا


Qanun Tasyrih
1‬

‫المقدمة‬ ‫البحث الول اختلف الحيوانات في العضاء‬ ‫البحث الثاني فوائد علم التشريح‬ ‫البحث الثالث إثبات منافع العضاء‬ ‫البحث الرابع مبادئ العلم البحث‬ ‫القسم الول صور العضاء الباطنة‬ ‫وأما المشهور والمستعمل فإن معنى المفصل عند اِأطباء هو موضع التقاء عضوين التقاء طبيعيا‬ ‫ل‬ ‫وإنما قلنا التقاء طبيعيا ليخرج التقاء العظام وإنما سمي ذلك مفصلً لن هناك ينفصل جرم كل‬ ‫واحد من العظمين من الخر .‬ ‫قال جالينوس : المفصل تأليف طبيعي للعظام وفي بعض النسخ عوض التأليف تركيب .‬ ‫والتأليف أولى لنه ضم شيء إلى شيء بينهما تأليف أي تناسب .‬ ‫وتركيب المفصل ل بد وأن يكون كذلك لن الجزأين ل بد وأن يكون بينهما تناسب في المقدار‬ ‫والشكل ونحوهما .‬ ‫لكن جالينوس قال بعد ذلك : ومعنى قولي تركيب وتأليف ومجاورة وملقاة معنى واحد واعلم أن‬ ‫هذا الحد مشكل من وجهين : أحدهما : أن المفصل ليس بتأليف ول تركيب بل هو متألف فإن‬ ‫التأليف هو ما يفعله المؤلف وذلك يرتفع عند ارتفاع فعله .‬ ‫وثانيهما : أن العظام الملتحمة بالطبع يصدق على لحامها أنه تأليف طبيعي وهو عند جالينوس‬ ‫ليس بمفصل لنه قال : إن تركيب العظام على قسمين أحدهما على جهة والمفصل على جهة‬ ‫اللتحام .‬ ‫قال : واللتحام اتحاد طبيعي للعظام .‬ ‫بقي ههنا بحث وهو لزوم أن يشترط في المفصل أن يكون من عظمين كما هو ظاهر كلم‬ ‫جالينوس حيث يشترط ذلك .‬ ‫فإن كان الول لم يشترط التقاؤهما إذ أكثر المفاصل ل بد وأن يكون بين عظمها إما غضروف‬ ‫واحد كما في عظام القص وإما غضروفان كما في المفاصل المتحاكة كمفاصل اليدين والرجلين .‬

‫فإن كل عظم منها على رأسه غضروف فيكون اللتقاء بين الغضروفين ل بين العظمين .‬ ‫فإن كان الثاني فل يكون المفصل فاللتقاء شرط .‬ ‫وأما أي هذين أولى فلقائل أن يقول إن الول أولى لنه الظاهر من كلم الطباء لنهم يقولون‬ ‫مفاصل عظام القص ومفاصل عظام اليدين والرجلين .‬ ‫ولقائل أن يقول : بل الثاني أولى : لنه المفهوم في العرف الظاهر العام من اصطلح الطباء‬ ‫لذلك .‬ ‫وأنه أقرب إلى المفهوم اللغوي . والذي يظهر لي وال أعلم أن هذا الثاني أولى .‬ ‫وقول جالينوس : تأليف طبيعي للعظام وقول الطباء عظام القص أو مفاصل عظام اليدين‬ ‫والرجلين يريدون بالعظام ها هنا ما يدخل فيه الغضاريف التي بين العظام فإن الناس من عادتهم‬ ‫أن يعدوا هذه من العظام .‬ ‫وعلى هذا فالمفاصل منها ما يكون من عظمين كعظام الرأس ومنها ما يكون من غضروفين‬ ‫كالمفاصل التي بها الحركة في العظام الكبار التي في اليدين والرجلين .‬ ‫ومنها ما يكون بين عظم وغضروف كمفاصل القص وكتلك التي في اليدين والرجلين التي بين‬ ‫العظام والغضاريف في أطرافها هي وإنما ابتداء الطباء في التشريح بالعظام لمرين : أحدهما :‬ ‫أنها في مباشرة التشريح تظهر أو لً لجل تميزها في الحس لجل كبرها ومتابعة أشكال‬ ‫العضاء كلها بشكلها .‬ ‫وثانيهما : أن البتداء ينبغي أن يكون بالعضاء البسيطة لتقدم العضو البسيط على المركب في‬ ‫الطبع وأولى البسائط بالتقدم هو العظام فإن كل عضو ذي عظم فإن تكون عظمه متقدم على تكون‬ ‫جميع أجزائه كما أن شكله تابع لشكل عظمه . وإنما يكون ذلك إذا كان تكون العظم أو لً .‬ ‫فإن قيل : كان ينبغي أن نبتدئ أو لً بتشريح العضو الذي يتكون أو لً وهو القلب أو الكبد أو‬ ‫الدماغ أو السرة على اختلف الراء .‬ ‫قلنا : معنى قولهم إن هذه العضاء إنما تتكون أو ل ل بمعنى خلقتها تتم قبل تتمة خلق العظام‬ ‫ً‬ ‫فإن من جملة أجزاء الرأس عظام القحف .‬ ‫فكيف يكون تكونه قبلها بل معنى ذلك أن ابتداء فعل المصورة هو في هذه العضاء .‬ ‫ولكن تخلقها يتأخر والجسم الصلب من كل حيوان منزلته بمنزلة العظام من الحيوان الذي له عظم‬ ‫وتختلف الحيوانات بحسب ذلك .‬ ‫فمن الحيوانات ما ل يوجد ذلك فيه البتة كالدود وبعض السمك وهذا الحيوان يكون واهي الخلقة ل‬ ‫محالة ومنها ما يوجد ذلك فيه فإما في ظاهره فقط أو في باطنه فقط .‬

‫أو يكون متفرقا بينهما في بدنه .‬ ‫والول إما أن يكون ذلك غليظا جدا كما في السلحفاة رقيقا جدا كما في المحرزات أو متوسطا بين‬ ‫هذين كما في السرطان والثاني : وهو أن يكون الصلب في الباطن فقط وذلك كما في مالقيا‬ ‫والثالث : إما أن تكون تلك العظام كلها شديدة الصلبة مصمتة وذلك كما في السد .‬ ‫أو ل تكون كذلك وذلك كما يكون في النسان والفرس وعظام النسان تنقسم بوجوه من القسمة .‬ ‫أحدها : بحسب قوامها .‬ ‫فإن منها ما هو شديد الصلبة كالعظم الوتدي ومنها ما هو شديد اللين بالنسبة إلى باقي العظام‬ ‫كعظام اليافوخ خاصة مقدمه .‬ ‫ومنها ما هو متوسط بين هذين القسمين كعظام اليدين والرجلين .‬ ‫وثانيها : بحسب العدد .‬ ‫فإن من العظام ما إنما يوجد في البدن من نوعه عظم واحد فقط كالعظم الوتدي والعظم اللمي .‬ ‫ومنها ما يوجد منه عظمان كعظمي الكتف وعظمي العضدين وعظمي الفخذين ومنها ما يوجد منه‬ ‫أربعة فقط كعظام الساعدين وعظام الساقين .‬ ‫ومنها ما يوجد منه أكثر من ذلك كعظام النامل وعظام الكفين والقدمين وعظام الضلع‬ ‫والفقرات .‬ ‫ثالثها : بحسب المقدار .‬ ‫فإن منها ما هو عظيم جدا كعظمي الفخذين ومنها ما هو صغير جدا كالعظام السمسمانية .‬ ‫ومنها ما هو بين هذين إلى الصغر كعظام النامل وعظام المشط والرسغ أو إلى العظم كعظام‬ ‫الساقين والزندين والعضدين .‬ ‫وقد قسم الشيخ العظام في هذا الفصل بحسب أمور ثلثة نحن نضع كل واحد منها في بحث‬ ‫يخصه . وال ولي التوفيق‬ ‫البحث الول تقسيم العظام بحسب منفعتها في البدن‬ ‫قال السيخ الرئيس رحمة ال عليه نقول : إن من العظام ما قياسه من البدن قياس الساس وعليه‬ ‫مبناه يعتمد مثل فقار الصلب فإنه أساس البدن عليه يبنى كما تبنى السفينة على الخشبة التي‬ ‫تنصب فيها أو لً .‬ ‫إلى قوله : وجملة العظام دعامة وقوام البدن .‬ ‫الشرح قد قسم الشيخ العظام ها هنا بحسب منفعتها إلى خمسة أقسام : أحدها : أن من العظام ما‬ ‫قياسه من البدن قياس الساس عليه يبني البدن كما تبنى السفينة على الخشبة التي تنصب فيها أو‬ ‫لً وهي الخشبة التي توضع أو لً في وسط أسفل السفينة ممتدة في طولها من الطرف إلى الطرف‬

‫ثم توصل بها أضلع السفينة وتوصل بتلك الضلع باقي خشبها كذلك هذا القسم من العظام .‬ ‫وهو عظم الصلب .‬ ‫فإن المستلقي من الناس يكون هذا العظم فيه على هيئة تلك الخشبة في تلك السفينة .‬ ‫واتصال أضلع النسان بهذا العظم كاتصال أضلع السفينة بتلك الخشبة لكنهما مختلفان في شيء‬ ‫واحد وهو أن تلك الخشبة تجعل قطعة واحدة أو يحكم اتصال بعضها ببعض حتى تكون كالقطعة‬ ‫الواحدة وعظام الصلب ليست كذلك إذ لبعضها مفاصل سلسلة وسبب ذلك أن النسان احتيج أن‬ ‫تكون له حركة انثناء وانعطاف إلى قدام وخلف وإلى جانبين .‬ ‫وإنما يمكن ذلك بأن تكون بعض مفاصل هذا العظم سهلة المواتاة للحركة وإنما يكون كذلك إذا‬ ‫كانت سلسلة ول كذلك السفينة فإن وضع هذه الخشبة فيها أريد به القوة والثبات .‬ ‫وإنما يتم ذلك إذا كانت قطعة واحدة أو محكمة كالقطعة الواحدة وأيضا فإن هذا العظم للبدن‬ ‫كالساس للبناء لن الساس يبنى أو لً ثم يبنى عليه باقي أجزاء البناء وكذلك هذا العظم في البدن‬ ‫.‬ ‫ولقائل أن يقول : إنكم قد بينتم أن العظام كلها كالساس والدعامة فلم جعلتم ذلك ها هنا خاصا‬ ‫بهذا الصنف منها قلنا : الذي اختص به هذا الصنف أنه كالساس والدعامة لجميع البدن وأما‬ ‫سائر العظام فإنما هي كذلك للعضاء التي تكون فيها .‬ ‫وثانيها : أن من العظام ما قياسه من البدن قياس المجن والوقاية كعظام اليافوخ وسبب ذلك أن‬ ‫الدماغ احتيج أن يكون موضعه في أعلى البدن لما نذكره بعد .‬ ‫وجوهره شديد اللين فيكون شديد القبول للتضرر بما يلقيه ولو بأدنى ضغط فاحتيج أن يكون‬ ‫مصونا عن ملقاة ما يصل إليه من جميع الجهات وإنما يمكن ذلك بأن يحوط من جميع النواحي .‬ ‫ول يمكن أن يكون ذلك بعضو لين وإل لم يكن له غنى فل بد وأن يكون بعضو صلب يشتمل‬ ‫عليه من كل جهة وذلك هو عظام الرأس . فيكون الغرض القصى في خلقه هذه العظام هو أن‬ ‫تكون كالجنة للدماغ .‬ ‫وهذه المنفعة ليست بالذات للبدن كله ول كذلك منفعة الصلب إذ هي منفعة بالذات للبدن كله كما‬ ‫بان عن أنها أساس للبدن بجملته وهذه العظام للدماغ كالضلع للقلب .‬ ‫ولقائل أن يقول : ما السبب في خلقه هذه العظام متصلة ل فرج بينها بخلف الضلع مع أن‬ ‫القلب أشرف فكان ينبغي أن تكون جنته أشد صونا قلنا : السبب في ذلك أمران : أحدهما أن‬ ‫الضلع موضوعة حيث ينالها الحس ول كذلك الرأس فإنه غائب عن حراسة الحواس فاحتيج أن‬ ‫يكون الحتياط في توقيته أكثر .‬ ‫وثانيهما : أن الصدر احتيج فيه إلى حركة انبساط وانقباض بإرادة ليست طبيعية كما بيناه .‬

‫وإنما يتم ذلك بخلقة العضل . ويحتاج أن تكون هذه العضلت كبيرة جدا وكثيرة لن هذه الحركة‬ ‫عسرة فلو جعلت عظام الصدر متصلة ببعضها البعض لحتيج إلى خلقة تلك العضلت فوقها‬ ‫واعلم أن لتخلل العضلت بين الضلع منفعة أخرى وهي تحلل البخارات وثالث القسام‬ ‫المذكورة : أن من العظام ما قياسه من البدن قياس السلح الذي يدفع به المؤذي كالسناسن .‬ ‫وهي عظام موضوعة على ظهور الفقرات لتمنع وصول المؤذي بعقب الملقاة إلى الفقرات .‬ ‫واحتيج إليها لن ظهور الفقرات هو إلى خلف البدن فيكون حيث ل تشعر به الحواس .‬ ‫فاحتيج أن تكون صيانتها من هناك شديدة فخلقت له هذه العظام وهي بمنزلة الزوائد التي هي‬ ‫على حجارة جدران القلع وأسوار المدن إذ الغرض بتلك الزوائد منع وصول صدمة ما يلقي‬ ‫من تلك الحجارة المنجنيق ونحوها وكذلك هذه العظام للفقرات .‬ ‫ورابعها : أن من العظام ما هو حشو بين المقاصل لتمل الفرج كالعظام السمسمانية .‬ ‫وهي عظام صغيرة جدا توجد بين السلميات فائدتها : منع النجراد الذي توجبه ملقاة أحد‬ ‫العظمين المتحركين للخر إذ لم يمكن أن يكون بينهما غضاريف لئل يثقل . وأيضا ليمنع ميل‬ ‫السلميات إلى الجهات فتكون الصابع مستقيمة . هذا على ما قالوه وأما أنا فيظهر لي وال أعلم‬ ‫أن هذه العظام ل وجود لها .‬ ‫وخامسها : أن من العظام ما الحاجة إليه أن يكون علقة لبعض العضاء كالعظم اللمي .‬ ‫فإن الفائدة فيه أن تتعلق به عضلت الخد واللسان لن فعل العضل إنما يتم بالتقلص الجاذب‬ ‫للعضو والنبساط المرخي للوتر حتى ينبسط العضو المتحرك وإنما يكون هذا التقلص جيدا إذا‬ ‫كانت العضلة متشبثة بجسم يلبث عندها .‬ ‫وإل كان ثقل المراد تحريكه ربما غلب تشبث العضلة فنحاها عن موضعها ولم يتحرك هو ول بد‬ ‫وأن يموت هذا العضو الذي تتشبث به العضلة صلبا وإل كان ربما يمتد عند غلبة ثقل العضو‬ ‫الذي يراد تحريكه .‬ ‫فل بد وأن يكون عظما أو شبيها به كالغضاريف ولو جعل ها هنا غضروفيا لحتيج أن يكون له‬ ‫ثخن يعتد به . وإل كان ربما ينعطف عند قوة التقلص أو ينقطع .‬ ‫ولو جعل ثخينا لم يحتمله هذا الموضع فاحتيج أن يكون عظما ليمكن أن يكون رقيقا .‬ ‫فهذه هي القسام المذكورة في الكتاب . وللعظام أقسام أخر بحسب المنفعة .‬ ‫فمنها ما هو بمنزلة الخشبة التي تدفع بها ما يميل من البناء ونحوه ليمنعه من إتمام الميل وذلك‬ ‫كالعظم الوتدي لعظام الفك العلى فإنه يمنعها عن الميل إلى الداخل وكذلك عظم العقب فإنه يمنعه‬ ‫ميل البدن كله عند القيام إلى خلف ومنها ما هو ممر كا الممر ينقذ من داخل إلى خارج ومن‬




DOWNLOAD : here

0 comments

Post a Comment