الفتوحات المكية
الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي الحاتمي الطائي


قول محيي الدين بن عربي في مقدمة كتابه بأنه ربما وقع عنده أن يجعل في هذا الكتاب، أولاً فصلاً في العقائد المؤيدة بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة، ثم رأى ذلك تشغيب على المتأهب الطالب للمزيد، المتعرض لنفحات الجود بأسرار الوجود، فإن المتأهب إذا لزم الخلوة والذكر، وفرّغ المحل من الفكر، وقعد فقيراً لا شيء له عند باب ربه، حينئذ يمنحه الله ويعطيه من العلم به والأسرار الإلهية والمعارف الربانية التي أثنى الله سبحانه بها على عبده الخضر، وقيل للجنيد: بما نلت ما قلت؟ فقال: بجلوسي تحت تلك الدرجة ثلاثين سنة، وقال أبو يزيد: أخذتم علمكم ميت عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت، فيحصل لصاحب الهمة في الخلوة مع الله، وبه جلّت هبته، وعظمت منته من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة، بل كل صاحب نظر وبرهان ليست له هذه الحالة، فأنها وراء النظر العقلي إذ كانت العلوم على ثلاث مراتب: علم العقل: وهو كل علم يحصل لك ضرورة، والعلم الثاني: علم الأحوال ولا سبيل إليها إلا بالذوق، والعلم الثالث: علوم الأسرار وهو العلم الذي فوق طور العقل وهو علم نفث روح القدس في الروع يختص به النبي والولي.

وابن عربي الذي سعي إلى الأنوار العلوية وصل إلى ما يكشفه له طريقها من الأسرار، وفتح الله عليه بهذا العلم فقيد له هذه الرسالة الذي أوجدها الحق لأعراض الجهل تميمة، ولكل صاحب جني، ومحقق صوفي وسماها رسالة الفتوحات الملكية، في معرفة الأسرار المالكية والملكية، إذ كان الأغلب فيما أودع هذه الرسالة ما فتح الله به عليه عند طوافه بيته المكرم، أو عند قعوده مراقباً له بحرمة الشريف المعظم، وجعل رسالته أبواباً أودعها المعاني اللطيفة، فإن ابن عربي سهلت عليه شدائد البداية، لأنه عرف شرف الغاية ولا سيما أنه ذاق من ذلك عذوبة الجني، ووقع منه بموقع المنى، فهو حصر الباب ببصره فترددّ علي عين بصيرة الحكيم، فنظر إلى الباب استخرج اللآليء والدرر، وأعطى عند لذلك الحكم الروحانية، والنكت الربانية، على قدر نفوذه وفهمه، وقوّة عزمه ووهمه، واتساع نفسه من أجل غطسه في أعماق بحار علمه، وهذه هي تلك الفتوحات الإلهية المعرفية التي فتح الله بها على ابن عري وهو في مكة وقد رتبها على خمسة فصول: الفصل الأول: في المعارف، الفصل الثاني: في المعاملات، الفصل الثالث: في الأحوال، الفصل الرابع: في المنازل، الفصل الخامس: في المنازلات، الفصل السادس: في المقامات



Read NowText (1 - 2 - 3) / Printed (1 - 2 - 3 - 4)






DOWNLOAD :
PDF-text (1, 2, 3)
PDF (1 - 2 - 3 - 4) --> نسخة 1852 م
EXE / HTML / BOK / MP3 (1,2,3,4,5)

0 comments

Post a Comment