الإيجاز في آيات الإعجاز
للطبيب الشيخ محمد أبي اليسر عابدين


كتاب دونه الشيخ "محمد أبي اليسر عابدين" محيطاً به بالآيات التي يمكن للعوام إدراك إعجازها، فتحدث بداية عن عظمة الإعجاز في القرآن، ثم أعقب ذلك تحت عنوان (مقدمة) بتعريف التفسير والتأويل، والاختلاف في ذلك على شكل مفصل وواسع، إذا قرأته تعجب من كثرة إطلاعه لكثرة نقوله. ثم إنه لم يكن يكتفي بالنقل، بل كان يناقش الآراء، ويفصلها، ويجمع بينها إذا أمكن.
ثم تكلم في المقدمة عن بيان القرآن، وبيان السنة، وبيان الصحابة، ثم بين أن التفسير يكون بأحد أمور: 1-النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، 2-الأخذ بقول الصحابي، 3-الأخذ بمطلق اللغة، 4-التفسير بالمقتضى من معاني الكلام، والمقتضب من قوة الشرع. ومثاله ما كان لابن عباس بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل". ثم تكلم التفسير بالرأي ومحص صواب ذلك من خطئه، فبين الصواب ودحض الخطأ.
ثم تكلم في المقدمة عن الإعجاز، ثم ذكر الدلالات: دلالة العبارة والإشارة والنص والاقتضاء. ثم تكلم عن المعاني الإشارية التي يستخرجها الصوفية مما قد يشير إليه النص، وليست مقصوداً منه، وقد أفاض في ذلك، وفيما يجوز منه وما لا يجوز، وللشيخ باع واسع في التصوف علماً وعملاً. ومن عاشره عرفه متصوفاً عاملاً، لا متصوفاً قائلاً.
ثم تكلم عن التفاسير، ووجهة كل مفسر، وبيان الطريقة التي مشى عليها، ذاكراً الكشاف والخازن وأبا السعود والبيضاوي والنسفي والقرطبي والألوسي وغيرهم. ثم إنه عرض إلى ناحيتين: الأولى أنه لا يجوز استخدام القرآن لتأييد الفرق والخلافات بينها، والثانية استخراج ما في القرآن من المعجزات الكونية والتي استطاع العصر الحديث بما حصل له من اكتشاف في الكون أن يدرك الإشارة منها في القرآن، فبين أن على العلماء أن يهتموا بهذه الناحية، بشرط عدم الغلو، فإنه غير محمود.
ثم بين أن كتابه حاو لهذه الآيات التي تضمنت هذا النوع من الإعجاز العلمي في غير غلو. وصدق الشيخ فإنه متتبعاً لهذه الآيات بدقة وقد أ‘انه على ذلك علمه الجم الواسع، ولا يخطر ببال أحد أن يأتي أحد بمثل هذه الكثرة الكاثرة من الآيات التي تدل على إعجاز القرآن، ثم إنه ذكر فصول الإعجاز وجعلها تسعة فصول: فالفصل الأول في أحوال الآخرة مثل قوله تعالى:"ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة"، وذلك أن أحوال الآخرة غائبة عنا وأنه سبحانه هو العليم بها وحده، ولا يتسنى لبشر أن يخبر بشيء من ذلك.
والفصل الثاني من الإعجاز ما تحدى به كل من سواه تعالى حيث يقول: "خلق السماوات والأرض بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين".
والفصل الثالث: ما أخبر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من نوايا الأعداء التي كانوا يبطنونها ومن نجواهم في السر، وإظهارها للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنها أيضاً من المعجزات الغيبية التي لا يطلع عليها سواه تعالى وذلك كقوله: "يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون.
الفصل الرابع ما في القرآن العظيم من الإخبار بالغيب، وفي بعضه أن لو كان كيف يكون وذلك كقوله تعالى: "لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم". والفصل الخامس في ذكر الأمم السابقة وما جرى معهم وغيبوبة التاريخ عن ذكر أحوالهم ثم اختباط المؤرخين واختلافهم بعدد سني أيامهم ومدة أعمار الأمم السابقة التي أثبتت الآثار الجيولوجية أنها فوق ما ذكروه بكثير وكثير، ثم جاءت الآية التي في أول سورة إبراهيم "ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات".
والفصل السادس آيات التهديد للأمم العاصية وما يحل بهم من العذاب إن خالفوا أوامر أنبيائهم، وحصول تلك الكوارث كما وعدهم الله على لسان أنبيائهم. والفصل السابع: آيات الأحكام الشرعية التي أتت موافقة لكل عصر وزمان ودليل ذلك أن المسلمين لما تمسكوا بها كما أنزلت ملكوا الدنيا وسادوا العالم.
والفصل الثامن من الإعجاز القواعد التي سنها الله سبحانه لعباده من مكارم الأخلاق، وهذه عددها يفوق الحصر لاستنتاجها من جميع كلام الله سبحانه ولكن أمهات آياتها مثل قول الله "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله...".
والفصل التاسع من الإعجاز احتمال الآيات معاني متعددة يأخذ السامع والتالي منها حسب فهمه واستعداده ابتلاء من الله تعالى من يتبع دينه ولمن يضل وامتحاناً منه للعلماء أن يغوصوا ويستخرجوا من معانيه ما دق ورق وصفاً، ثم يكون إظهاراً لمعجزاته المنيرة القيمة أن يكون ما يستحدث في الزمن مشاراً إليه بأجلى بيان. وهذا الفصل من الإعجاز أربعة أنواع تتبين بأمثلتها، وعلى النوع الرابع مدار البحث بهذا الكتاب. 1-النوع الأول المتشابه، 2-النوع الثاني آيات الأحكام الشرعية وما استنتج منها علماء الأصول والفقه، 3-النوع الثالث: ما استخرج منها علماء التصوف ما دق من المعاني على حسب الإشارة لا العبارة. 4-النوع الرابع الذي عليه مدار بحث هذا الكتاب.
ثم أخذ يتكلم بعد ذلك عن آيات الإعجاز التي هي غرضه ومقصوده، ومن أمثلة ما ذكر قوله تعالى: "وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين". وهكذا يتابع حديثه فتشعر بسعة علمه وإطلاعه، وسعة معرفته وبراعته، وقدرته في ذكائه وغير ذلك. وباختصار فالشيخ كان موسوعة عصره، وقد أقر له القاصي والداني بذلك. ولئن مات الشيخ وانتقل إلى رحمه الله فإن كتبه لم تمت، ولا تموت أبداً، فالمطلع عليها مجالس له، قاعد بين يديه




Read NowRead Now





DOWNLOAD : PDF / PDF

تحميل الكتاب من هنا

0 comments

Post a Comment