جمهرة النسب
أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبيّ


اهتمت القبائل العربية قديماً اهتماماً كبيراً بحفظ المعلومات حول أفرادها، فغدت أشبه بتاريخ ذاتي للقبيلة. وتنوقلت هذه المعلومات حتى قام الإسلام، وكان هناك دائماً بين أفراد كل قبيلة من اهتمّ بحفظ المعلومات حولها، وحيث أن الإسلام تمكن من إقامة الأمة الموحدة، وحوى ديوان عمر بن الخطاب أسماء رجالات العرب جميعاً، فإن أفراد الأمة في أيامه اعتبروا جميعاً جنداً وأهل ديوان، مما سبب وجود عدد من الاختصاصيين العرب اهتم كل منهم أكثر من قبيلة، وتطور الأمر إلى وجود اختصاصيين اهتموا بالعرب جميعاً.
ولمزيد من التوضيح؛ إن جمع المعلومات، عن أفراد القبيلة، التي يتم إيداعها في أيامنا في سجلات الإحصاء، والتواثيق (الأرشفة) دعاها العرب الأوائل باسم الأنساب. وقد ظهر بين صفوف العرب في الإسلام وقبله عدد كبير من النسابين نالوا عظيم الشهرة، ورغم ذلك فإن محمد بن السائب الكلبي، وابنه هشام بن محمد نالا من الشهرة ما اتّسم بسمة الخلود، ذلك أن ما جمعاه من مواد ودوّناه، جاء محصلة لجهود كل من سبقهم. وأكبر شاهد على ذلك كتاب هشام بن الكلبي الذي نقلب صفحاته، وهو "جمهرة الأنساب"، فقد حوى ما جاء لدى علماء النسب قبله، وهو مثل غيره من الكتب العظيمة، دُوِّن في بداية عصر التدوين مع تأسيس الخلافة العباسية، فكان الينبوع الذي نهل منه كل مؤرخ وعالم أنساب، فاعتمد عليه الطبري، وأخذ منه البلاذري كثيراً في كتابه "أنساب الأشراف"، وبكلمة موجزة أصبح جميع الذين جاؤوا من بعده عيالاً عليه. ولهذا حظي كتاب ابن الكلبي بمكانة قلّ أن يحظى بمثلها كتاب عربي آخر، واهتم به الباحثون قديماً وحديثاً. وجرت محاولات كثيرة في عصرنا هذا لنشر الكتاب، إلا أن المحاولة الأهم هي التي بين يدي القارئ، إذ أن المحقق "محمود فردوس العظم" هو من أهل هذا الاختصاص "الأنساب" فهو يمتلك إمكانات لا نظير لها للعمل في علم الأنساب، لذا جاء عمله هذا رائعاً في مجاله، إذ أنه بعث إلى الوجود تراثاً عملاقاً برهن من خلال عمله فيه أن للأمة تراثاً جاء بجهد مبدعين وإن حفظه هذا التراث هو مرهون أيضاً بجهد مبدعين معاصرين.
والكتاب في مجلده الأول هو رهن القارئ والباحث في تاريخ العرب وأنسابهم، ويستطيعا من خلاله الاطلاع على بداعة المؤلف والمحقق في آن معاً كلٌّ ضمن زمانه وإمكانياته. ولا بد من لمحة عن المؤلف "ابن الكلبي"، هو هشام بن محمد بن السائب بن بشر، عالم بالنسب وأخبار العرب وأيامها ومثالبها ودقائقها. أخذ عن أبيه وعن جماعة من الرواة، له مصنفات كثيرة كانت مرجع الرواة والمؤرخين والنسابين في ماضي الزمان، وهي ما زالت كذلك من المراجع التاريخية والاجتماعية بصورة عامة وفي علم الأنساب بصورة خاصة إلى يومنا هذا. كانت وفاته سنة أربع ومائتين 204هـ وقيل 604هـ والأول أصح





Read Now 1 - 2 (N/A) - 3

DOWNLOAD : PDF: 1, 2, 3 / DOC

تحميل كتاب من هنا

0 comments

Post a Comment