ارشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
الإمام الشوكاني

إعلم أن لهذا اللفظ اعتبارين : أحدهما باعتبار الإضافة والآخر باعتبار العلمية .
أما الاعتبار الأول : فيحتاج إلى تعريف المضاف وهو الأصول والمضاف إليه وهو الفقه ، لأن تعريف المركب يتوقف على تعريف مفرداته ضرورة توقف معرفة الكل على معرفة أجزائه ، ويحتاج أيضاً إلى تعريف الإضافة لأنها بمنزلة الجزء الصوري . أما المضاف فالأصول جمع أصل ، وهو في اللغة ما ينبني عليه غيره ، وفي الاصطلاح يقال على الراجح والمستصحب والقاعدة الكلية والدليل والأوفق بالمقام الرابع ، وقد قيل إن النقل عن المعنى اللغوي هنا خلاف الأصل ولا ضرورة هنا تلجئ إليه ، لأن الانبناء العقلي كانبناء الحكم على دليله يندرج تحت مطلق الانبناء ، لأن يشمل الانبناء الحسي كانبناء الجدار على أساسه ، والانبناء العقلي كانبناء الحكم على دليله ، ولما كان مضافاً إلى الفقه هنا وهو معنى عقلي دل على أن المراد الانبناء العقلي . وأما المضاف إليه وهو الفقه فهو في اللغة الفهم ، وفي الاصطلاح العلم بالأحكام الشرعية عن أدلته التفصيلية بالاستدلال ، وقيل التصديق بأعمال المكلفين التي تقصد لا لاعتقاد . وقيل معرفة النفس مالها وما عليها عملاً ، وقيل اعتقاد الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ، وقيل هو جملة من العلوم يعلم باضطرار أنها من الدين . وقد اعترض على كل واحد من هذه التعريفات باعتراضات ، والأول أولاها إن حمل العلم فيه على ما يشمل الظن ، لأن غالب علم الفقه ظنون . وأما الإضافة فمعناها اختصاص المضاف بالمضاف إليه باعتبار مفهوم المضاف إليه فأصول الفقه ما تختص بالفقه من حيث كونه مبنياً عليه ومستنداً إليه ،
وأما الاعتبار الثاني :
فهو إدراك القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ، وقيل هو العلم بالقواعد الخ ، وقيل هو نفس القواعد الموصلة بذاتها إلى استنباط الأحكام الخ ، وقيل هو طرق الفقه وفيه أن ذكر الأدلة التفصيلية تصريح باللازم المفهوم ضمناً لأن المراد استنباط الأحكام تفصيلاً وهو لا يكون إلا عن أدلتها تفصيلاً ويزاد عليه على وجه التحقيق لإخراج علم الخلاف والجدل فإنهما وإن اشتملا على القواعد الموصلة إلى مسائل الفقه لكن لا على وجه التحقيق بل الغرض منه إلزام الخصم . ولما كان العلم مأخوذاً في أصول الفقه عند البعض حسن ههنا أن نذكر تعريف مطلق العلم وقد اختلفت الأنظار في ذلك اختلافاً كثيراً حتى قال جماعة منها الرازي بأن مطلق العلم ضروري فيتعذر تعريفه واستدلوا بما ليس فيه شيء من الدلالة ويكفي في دفع ما قالوه ما هو معلوم بالوجدان لكل عاقل أن العلم ينقسم إلى ضروري ومكتسب .



Read Now Mqd - Kitab / HTML








DOWNLOAD :
PDF (Mqd - Kitab) # / PDF (RAR) --> دار الفضيلة - ت. سامي بن العربي الأثري
DOC



0 comments

Post a Comment