حلية الابدال
محي الدين ابن العربي‫

فصل
اعلم ان الحكم نتيجة الحكمة والعلم نتيجة المعرفة فمن لا حكمة له لا معرفة له فالحاكم العالم لله قائم والحكيم العارف بالله واقف فالحاكمون العالمون لاميون والحكماء العارفون نائبون لما شغف الزاهد بترك دنياه والمتوكل بتسليم كلية امره الى مولاه والمريد بالسماع والوجد والعابد بالعبادة والجهد والحكيم العارف بالهمة والقصد غاب عن العالمون الحاكمون في الغيب فلا يعرفهم عارف ولا مريد ولا عابد ولا شهدهم متوكل ولا زاهد فترك الزهد للعوض وتوكل المتوكل لنيل الغرض وتواجد لتنفيس الكرب واجتهد رغبة في القرب وقصد العارف الحكيم بهمته الوصول وانما يتجلى الحق لمن انمحى رسمه وزال عنه اسمه فالمعرفة حجاب على المعروف والحكمة باب يكون عنده الوقوف وما بقى من الاوصاف فاسباب الحروف وهذه كلها علل تعمي الابصار وتطمس الانوار فلولا وجود الكون لظهر العين ولولا الاسماء لبرز المسمى ولولا المحبة لاستمر الوصل ولولا الحظوظ لملكت المراتب ولولا الهوية الانية ولولا هو لكان هو ولولا انت لبدا رسم الجهل فئما ولولا الفهم لقوي سلطان العلم فاذا تلاشت هذه الظلم وطارت بمرهفات الفنا هذه البهم.
تجلى لقلبك من لم يزل = به قاطنا في غيوب الازل
وما حجب العين عن دركها = سواك ولكن بضرب المثل
تبين للقلب ان الذي = رآه به داعيا لم يزل
وجاء خطاب يعم الكلام = ويبدي سناه رسول المحل




Read Now Read Now



DOWNLOAD : PDF / DOC

0 comments

Post a Comment