المعارف
‫ابو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الكاتب الدينوري


كتاب في الأدب وفنونه، وهو يشتمل على فنون كثيرة من المعارف أولها مبتدأ الخلق وقصص الأنبياء وأزمانهم، وأخبار مشاهير الصحابة والمساجد المشهورة والفتوح وما كان منها عنوة وما كان عن صلح، وأديان العرب في الجاهلية وغيرها من الأمور الكثيرة




Read NowRead Now



DOWNLOAD : PDF / DOC

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكاتب الدينوري.
هذا كتاب: جمعت فيه من المعارف ما يحق على من أنعم عليه بشرف المنزلة، وأخرج بالتأدب عن طبقة الحشوة وفضل بالعلم والبيان على العامة، أن يأخذ نفسه بتعليمه، ويروضها على تحفظه. إذا كان لا يستغني عنه في مجالس الملوك إن جالسهم، ومحافل الأشراف إن عاشرهم، وحلق أهل العلم إن ذاكرهم. فإنه قل مجلس عقد على خير، أو أسس لرشد، أو سلك فيه سبيل المروءة إلا وقد يجري فيه سبب من أسباب المعارف.
إما في ذكر نبي أو ذكر ملك أو عالم أو نسب أو سلف أو زمان أو يوم من أيام العرب، فيحتاج من حضر إلى أن يعرف عين القصة، ومحل القبيلة وزمان الملك، وحال الرجل المذكور، وسبب المثل المشهور.
فإني رأيت من الأشراف من يجهل نسبه، ومن ذوي الأحساب من لا يعرف سلفه، ومن قريش من لا يعلم من أين تمسه القربى برسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الرحم بالأعلام من صحابته، ورأيت من أبناء ملوك العجم من لا يعرف حال أبيه وزمانه، ورأيت من ينتمي إلى الفصيلة وهو لا يدري من أي العمائر هي، وإلى البطن وهو لا يدري من أي القبائل هو. ورأيت من رغب بنفسه عن نسب دق فانتهى إلى رجل لم يعقب، كرجل رأيته ينتسب إلى أبي ذر ولا عقب لأبي ذر! وآخر ينتمي إلى حسان بن ثابت، وقد انقرض عقب حسان! وكآخر دخل على المأمون فكلمه بكلام أعجبه، فسأله عن نسبه، فقال: من طيء من ولد عدي بن حاتم! فقال له المأمون: لصلبه? فقال نعم. فقال المأمون: هيهات أضللت! إن أبا طريف لم يعقب! فكان سقوطه بجهله حال الرجل الذي اختاره لدعوته أقبح من سقوطه بالنسب الذي رغب فيه. وقد يكون الرجل متبوعاً في الأدب قد سمق فيه وأخذ بالحظ الأوفى منه، إلا أنه أغفل شيئاً من الجليل كان أولى به من بعض ما حفظ فيلحقه فيه النقيصة ويرجع عليه منه الهجنة كطالب غوامض الفقه، وقد أغفل أبواب الصلاة والفرائض. وطالب طرق الحديث، وقد أغفل متونها ومعانيها. وطالب علل النحو وتصاريفه وهو يلحن في رقعة إن كتبها وبيت شعر ينشده.

0 comments

Post a Comment